النظرية العقائدية
جدول المحتويات
تمهيد
ليس الغرض هنا عرض المسائل العقائدية، فهذا أمرٌ يُطلب في محله، إلا أنّنا حيث نمهّد للدخول في النظرية السياسية، فلا بُدّ من بيان بعض المقدمات العقائدية التي لها دخل في موضوع بحثنا، ولذا سوف نقتصر على ما له دخل في المباحث السياسية.
التوحيد وأقسامه
يعتبر التوحيد أوّل الأصول في باب العقائد، وهو أهم أصل، بل هو الأصل الذي ترجع إليه سائر الأصول العقائدية.
والتوحيد ينقسم إلى أقسام نذكر البعض منها:
- التوحيد في الخالقية: وهو يعني الإعتقاد بأنّ الله تعالى هو الخالق وأنّه لا خالق سواه.
- التوحيد في الربوبية: وهو يعني أنّ الله تعالى هو الذي يُباشر مخلوقاته بالعناية والتربية ويأخذ بها إلى كمالها الخاص.
- التوحيد في الألوهية: وهو يعني أنّه لا معبود إلا الله تعالى ولا تجوز العبادة لغيره سبحانه.
- التوحيد في التشريع: وهو يعني أنّه لا يحقّ لأحد أن يُشرّع ويصدر الأحكام ويُقنّن إلا هو.
الربوبية التكوينية والتشريعية
نحن نعتقد بأنّ الله تعالى هو الذي يدير هذا الكون وهو الذي يتصرّف فيه بما يشاء كيف يشاء، ولا يقدر أحدٌ أن يُحرّك ذرةً في الوجود إلا بإذنه وبإقدارٍ منه تعالى، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وكذلك نعتقد بأنّه لا يحقُ لأحدٍ في هذا الكون أن يُقنّن ويصدر الأحكام والقوانين، إلا الله تعالى الذي له حق التشريع والتقنين بالذات، وأنّه لا يحق لأحدٍ التشريع إلا إذا كان الله تعالى قد أَذِنَ له في ذلك.
هذا مضافاً إلى أنّنا نعتقد بأن الله هو المالك لكل الأشياء، بما فيها الإنسان، فنحن مملوكون لله بالملك الحقيقي، ولا يحقّ لأحدٍ أن يتصرّف في هذا الكون، وبالأخص في الإنسان، إلا بالحدود التي يأذن بها صاحب الملك الحقيقي وهو الله تبارك وتعالى.
الأنبياء (عليهم السلام) والنبوة
ونحن نعتقد بأنّ الله تعالى قد أَذِنَ للأنبياء (عليهم السلام) بالتشريع؛ فالنبي (ص) مثلاً هو مأذون من قبل الله تعالى في التشريع والتقنين، بل إنّ الله تعالى جعل له الولاية على الناس وعلى الكون، فهو أولى بهم من أنفسهم.
الأئمة (عليهم السلام)
ونحن الشيعة الإمامية، نعتقد بأن النبي (ص) قد عيّن الأئمة (عليهم السلام) بالتعيين الإلهي، وأثبت لهم ما ثبت له من: الولاية التكوينية والولاية التشريعية.
الفقهاء في زمن الغيبة
وفي زمن الغيبة الكبرى فإنّنا نعتقد بأنّ الفقهاء الجامعين للشرائط هم النواب العامين[1] عن الأئمة (عليهم السلام)، وأنّه يثبت لهم حق الحاكمية وحق التشريع، فاليوم – وفي زمن الغيبة الكبرى – الذي له حق الحاكمية هو الفقيه أو من عيّنه الفقيه، كما أنّ الذي له حق التشريع والإفتاء هو الفقيه.
التوحيد: حاكمية وتشريع
والخلاصة أنّ مقتضى توحيد الله تعالى هو الإيمان بشيئين:
- أولاً: أنّ حق الحاكمية هو خاص بالله تعالى، فهو الحاكم أولاً وبالذات، وهذا الحق ثبت للنبي (ص)، ثم للإمام (ع)، ثم للفقيه الجامع للشرائط.
- ثانياً: أنّ حق التشريع هو حقّ خاص لله تعالى، فهو المشرّع أولاً وبالذات، وهذا الحق في التشريع أُعطي للنبي (ص) وللإمام (ع)، وفي زمن الغيبة الكبرى فإن الفقهاء هم ورثة الأنبياء (عليهم السلام) وهم المؤهلون لاستنباط الأحكام الشرعية.
-[1] النيابة عن الأئمة (عليهم السلام) خاصة وعامة؛ والنيابة الخاصة هي التي كانت للنواب الأربعة في زمن الغيبة الصغرى والنيابة العامة هي في زمن الغيبة الكبرى للفقهاء الجامعين للشرائط.