النظرية السياسية: ضرورة الحكومة وأهدافها

تمهيد

إنّ البحث عن النظرية السياسة يُعتبر اليوم من أهم المواضيع التي يدور البحث حولها، ويقع النقاش والأخذ والرد فيها، بل وتقع الحروب والصراعات بسبب تبني فكرٍ سياسي خاص!

والسياسة: تشمل إدارة الدولة والعلاقة بين الشعب والحكومة، والعلاقة بين المواطنين، والعلاقة بين الدول المختلفة، وكذا بين الشعوب المختلفة و…، وهذه العلاقات تشمل الجانب الاجتماعي والاقتصادي والثقافي و…

والسياسة: تختلف بين الدول باختلاف الأفكار والرؤى والنظريات التي يحملونها، وما يترتب على ذلك من آثار إيجابية وسلبية.

ضرورة الحكومة

إقامة الحكومة أمرٌ لازم لا يختلف عليه عاقل، فبدون الحكومة ستحصل الفوضى في المجتمع، ويختل النظام بين الناس، والتاريخ يشهد بأنّه لم يوجد مجتمع إلا ووجدت فيه حكومة، سواءً كانت حكومة بدائية وبسيطة أم حكومة واسعة النطاق ومعقّدة الحيثيات، ودائِماً يُوجد في كل مجتمع أشخاصٌ لا يتقيدون بالقوانين ولا يمتثلون الأحكام، بل يعيشون التمّرد ومخالفة مقررات الدولة.

ولولا وجود «القوانين الجزائية» لما انتطمت أحوال الناس ولم يتمكنوا من العيش بأمان واطمئنان.

والحاصل أنّه لكي تنتظم حياة الناس، ولأجل أن يعيشوا بأمان واطمئنان، ويحصل الكلُّ على حقّه ويؤدِّي ما عليه من واجبات فإنه لا بّد من وجود نوعين من القوانين:

  • القوانين المدنية: ونعني بها القوانين التي تُبيّن للناس الحقوق والواجبات، ومثال ذلك: قوانين المرور التي تُبين لهم أنه عند الإشارة الحمراء لا بُدّ من التوقف وعند الخضراء يسمح لهم بالحركة.
  • القوانين الجزائية: ونعني بها القوانين التي تُبيّن للناس العقوبات جرّاء مخالفة القوانين المدنية، ومثال ذلك: أن من يتجاوز الإشارة الحمراء فإنّ عليه غرامة بقدر كذا.

الفوضويون

وهنا تقف بعض الأصوات النشاز التي ترى: عدم ضرورة وجود الحكومة، وأنّه يمكن أن يعيش الناس بسلام وأمان، ويصلوا إلى الأهداف الإنسانية وذلك بتحقيق أمرين:

  • الأول: الارتقاء الفكري للنّاس ورفع مستوى ثقافة الناس وعقولها.
  • الثاني: الارتقاء الروحي للنّاس ورفع مستوى أخلاقها وروحيتها ومعنويتها.

ولكن الواقع الخارجي على مختلف الأزمان والأماكن يشهد بأنّه لا يكفي الارتقاء الفكري ولا الارتقاء الروحي لتحقيق السعادة للمجتمعات وإيصال الحقوق لأهلها؛ ففي كل مجتمعٍ لا بد أن يبرز فيه أناسٌ لا يلتزمون بالضوابط ويقدّمون مصالحهم الشخصية على مصالح عامة الناس، وفي النتيجة: تحصل الفوضى وينعدم الأمن وتضطرب معيشة الناس!

والحاصل أنّ هذا طرحٌ مثالي لا واقع له، بل ولا يمكن أن يتحقق مع وجود مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يُصلحهم إلا النظام بقوانينه المدنية والجزائية.

أهداف إقامة الحكومة

بعد أن اتضح لنا ضرورة وجود الحكومة يأتي الحديث عن الهدف من إقامة الحكومة والغايات التي تُرجى من إقامة الحكومة.

وهنا تختلف الرؤية الإسلامية عن الرؤية الغربية العلمانية في بيان الهدف من إقامة الحكومة:

  • أصحاب الفكر الغربي العلماني: يرون أنّ الهدف من إقامة الحكومة هو تحقيق السعادة الدنيوية للناس، وذلك من خلال توفير الرفاه المادي والعيشة الرغيدة وتكثير وسائل المتع المادية الحسيّة، ولذلك نجد أنّ كل سياسات ومقررات هذه الحكومات الغربية تصب في صالح توفير الجانب المادي الدنيوي.
  • أصحاب الفكر الإسلامي الإلهي: فإنّ رؤيتهم للأهداف أوسع وأعمق؛ فكما أن سياسة الدولة الإسلامية تسعى لتوفير الحياة المادية الهانئة والسعيدة للشعب، من مأكلٍ ومشربٍ ومسكنٍ و…، فهي أيضاً ترى نفسها ملزمة بتوفير «الحياة المعنوية» وبثّ الفضائل والعقائد الحقة والترويج للسلوكيات الصالحة بين الشعب، هذا أولاً.

وثانياً: أن الدولة الإسلامية تسعى لإسعاد الناس في الحياة الدنيا، كما أنّها تسعى لتهيئة ما يُسعد الناس في تلك الحياة الآخرة.

والحاصل أنّ الغرض من إقامة الحكومة – لدى أصحاب الفكر الإسلامي – هو تحقيق السعادة المادية والمعنوية في الدنيا والآخرة.

بل غاية ما تسعى إليه الحكومة الإسلامية: هو تحقيق المجتمع الصالح الذي يعيش العبودية والطاعة لله؟عز؟.

فكما أن الإنسان لا بد أن يكون «عبداً لله» في حياته الفردية، فإنّه لا بد أن يكون «عبداً لله» في حياته الإجتماعية والسياسة، ولا بُدّ أن ترتقي كلّ فئات المجتمع – وذلك من خلال سياسات الحكومة – لتصير خاضعة لله؟عز؟ تسير في خط العبودية، وبذلك تُحرز سعادتها في الدارين الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى