النظرية الحقوقية
تمهيد
إنّ التعرض هنا لـ«النظرية الحقوقية» هو لأجل بعض المسائل الحقوقية التي لها ربط بـ«النظرية السياسية» فلن يتم التفصيل في العرض، ولا التعمّق في الطرح، ولا الاستدلال على ما نذكر من الحقوق؛ فكل هذا موكول إلى البحث في النظرية الحقوقية.
الحقوق وتعددها
إنّ الحقوق متعددة فمنها: حق الحرية وحق الحياة وحق السكن وحق الأمن وحق التعليم وحق التربية وحق الوالي وحق الرعية و… إلخ.
حق الله تعالى
ومن الحقوق: حق الله؟عز؟ الذي يُعتبر أكبر الحقوق بل هو أصل الحقوق، كما يقول الإمام زين العابدين (ع): «وأَكْبَرُ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَيْكَ مَا أَوْجَبَهُ لِنَفْسِهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى مِنْ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْحُقُوقِ ومِنْهُ تَفَرَّع»[1].
ومعنى كون حقّ الله؟عز؟ هو الأصل ومنه تتفرع الحقوق: أنّ كل الحقوق – من حق الحرّية والحياة و… – ثبت بناءاً على هذا الأصل؛ فالإنسان مثلاً له حقّ الحياة إذا أعطى الله؟عز؟ الحقّ له بالحياة، أمّا إذا سلب الله؟عز؟ منه هذا الحق، كما لو قتل عامداً فإنّه لا حق له في الحياة.
وهكذا الحال في حقّ الحرية: فالإنسان حرٌّ في مأكله ومشربه فيما يلبس وما يقول ويفعل و…، ما دام الله تعالى قد سمح له بهذا النحو من التصرف وبهذا النّطاق من الحرية، فإذا منع الله تعالى أكل شيء أو شرب خمرٍ أو نوعٍ من اللباس أو…، فلا يحق له أن يفعل كل ذلك بحجة الحرية؛ لأنّ من أعطاه الحرية – وهو صاحب الحق الأصيل – قد منعه من ذلك.
الغرب والحقوق
وقد اتضح مما تقدم أنّ «نظرية الحقوق في الإسلام» تُرجح كل الحقوق إلى حق الله؟عز؟ الذي هو أصل الحقوق ومنه تتفرع كل الحقوق.
أمّا الغرب وأصحاب المدارس العلمانية فإنّهم لا يملكون المبرر العقلائي والبرهاني على الحقوق وثبوتها، ولِمَ تثبت، ولِمَن تثبت؟
فكل ما يملكونه في المقام أنّ هذا حق ثابت من قبل الناس وهو الذي يترجمونه بالديمقراطية.
الحقوق والسياسة
وتكمن أهمية النظرية الحقوقية في كون كثير من المسائل السياسية لا يمكن الحسم فيها إلا بتبنّي رأي النظرية الحقوقية؛ فالذي يؤمن ويتبنى «النظرية الحقوقية الإسلامية» فهو يرى أن حق لله تعالى هو أصل الحقوق، فلا يمكن لأي مشرّع برلماني، أو منفّذ في الحكومة أن يشرّع أو يجري قانوناً يخالف حكم الله تعالى، كتشريع بيع الخمر أو تنفيذ هذا القانون.
أما من تبنى «النظرية الحقوقية الغربية» فهو لا يرى حزازة في تشريع قوانين مخالفة لإرادة الله تعالى كتشريع بيع الخمور! وكذا لا ترى السلطة التنفيذية أي إشكال في تنفيذ القوانين المخالفة لأوامر الله؟عز؟ كالعمل على السفور والتبرج!
-[1] تحف العقول، النص، صفحة 255، رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع).