التعددية الدينية
جدول المحتويات
تمهيد
إنّ من الأبحاث المطروحة في هذا الزمان هو بحث «التعددية الدينية»، بل إنّ طرح التعددية يُعتبر من الأمور الداخلة في تكوين الدولة المدنية، ومن المبررات التي تُذكر على حقانية الإيمان بالدولة المدنية.
ونحن سوف نذكر الدواعي والأسباب التي ذكروها للتعددية، ومن ثم نفصّل فيها بذكر نوعين من التعددية: التعددية النّظرية والتعددية العلمية، فنرفض الأولى ونقبل الثانية، كما سيأتي.
وفي الختام نذكر إشارة ولفته للدواعي السياسية الشيطانية للدعوة إلى التعددية على صعيد الساحة العالمية والساحة الداخلية، وبذلك نجمع بين الطرح الفكري وبين الوعي الميداني الخارجي.
دواعي القول بالتعددية الدينية
يقول دُعاة القول بالتعددية الدينية: إنّ الحروب التي وقعت وما زالت تقع بين أفراد البشرية وبين الشعوب والأمم، يعود أغلبها إلى الحروب الدينية والطائفية؛ فكلُّ جماعة تؤمن بدين معين فهي تشنّ الحرب على جماعة أخرى تؤمن بدينٍ آخر سعياً للسيطرة على الأراضي والأموال والسلطة، كما نجد ذلك في الحروب الصليبية واليهودية و…، فكلُّ جماعة تتعصّب لدينها، وترى الحقّانية في دينها والبطلان للأديان الأخرى، فيؤدّي ذلك إلى الاعتقاد بعدم إمكانية التعايش مع الأديان والمذاهب، فتُشنّ الغارات وتقع الحروب من أجل إلغاء الطرف المقابل وإبادته من الوجود.
ولكن لو آمنا بفكرة التعددية الدينية وأنّ كل الأديان على حق فالإسلام على حقّ، كما أنّ اليهودية والمسيحية والبوذية و… إلخ كلها على حقّ، فلا وجود لدين حق ودين باطل في قاموس الحياة!
بل كل دين فيه شيء من الحقّانية وشيء من البطلان! وعلى كل حال فلا معنى للقول بوجود دين واحدٍ يمثّل الحقّ المطلق وسائر الأديان تمثل الضلال والبطلان!
والنتيجة أنّ الإيمان بالتعددية الدينية يقضي على الأسباب والعوامل التي تسبب الحروب والنّزاعات، وتجعل الكل يحترم الآخر ويرى له حقّاً في الحياة واعتناق أيّ دين أو مذهب يريد؛ لأنّ كل الأديان والمذاهب هي صراطات توصل إلى الغاية والهدف.
وعليه يمكن أن نُقيم الدولة المدنية التي تقبل كل التوجهات والأديان والطوائف، ولا تميّز بين المواطنين بلحاظ الدين بل هم سواء أمام القانون ولهم كل الحقوق بلا جور وظلم.
وكذلك يمكن أن تقيم الدولة المدنية العلاقة مع كل دول العالم التي تختلف في الدين والمذهب؛ وذلك لأنّ الدولة مدنية غير مصبوغة بأيّ لونٍ ديني، شفّافة كلون الماء الذي يروي عطش الكل، كذلك الدولة المدنية يمكنها أن تحقق السلام مع كل دول العالم وتتعايش معهم بأمان.
يعارضون الدولة الدينية
وبهذه المبررات يرفضون إقامة الدولة الدينية:
- فإذا كانت الدولة مصبوغة بلونٍ ديني أومذهبي؛ فما هو حال المواطنين الذين لا يؤمنون بـ«دين الدولة»؟!
- وإذا كانت الدولة مصبوغة بلونٍ ديني أو مذهبي؛ فكيف يمكن لهذه الدولة «الدينية / الطائفية» أن تتعامل مع بقية دول العالم غير الدينية؟!