البلاء

إن الابتلاء والامتحان في الدنيا أمرٌ حتمي لا مفرّ منه، والبلاءات متعددة ومتنوعة، من فقرٍ أو مرضٍ أو فقد عزيزٍ أو سجنٍ مرير أو …، وما دام البلاء مكتوباً على جبين وناصية الإنسان، فعليه أن يهتم بأنه كيف يقدر على اجتياز البلاء بنجاحٍ وامتياز، ولا يصيبه الفشل والخسران؟!

البلاء وفوائده

إن هناك فوائد لا تُحصى للبلاء، والالتفات لها وعدم الغفلة عنها تجعلنا نعيش ناجحين في الابتلاء ..

  1. اكتشاف تدينك: فهناك من لا يعرف مستوى التزامه وتدينه، ولا يقف على ما يحمل من عقائد وأخلاق عند «حياة الرخاء»، بل إنه يكتشف أنه ضعيف الإيمان والعقيدة، هشُّ الأخلاق، سيء السلوك .. كلّ ذلك يكتشفه عندما تحلّ عليه عواصف البلاء وأمواج الامتحان!!

يقول الإمام الحسين (علیه السلام): «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون».

قصة سمير قنطار

سمير قنطار الذي كان يُعرف بـ«عميد الأسرى»، حيث قضى 28 عاماً في السجون الإسرائيلية؛ فهو لبناني إلا أنه دائم الفكر بـ«فلسطين»، عاش حياة الجهاد منذ كان في 16 من عمره، وكان مصراً على تحرير فلسطين، قام بأكثر من عملية جهادية عسكرية على صغر سنه، وآخرها «عملية نهاريا» التي قتل فيها خمسة صهاينة بالإضافة إلى إصابات متعددة في جيشهم، وتم الحكم عليه بالمؤبد خمس مرات، بعد أن لاقى أصناف العذاب في السجون السريّة الإسرائلية. وبعد أن تحرر من السجن عام 2008م رجع إلى الجبهة مرة ثانية وقاتل في صفوف حزب الله ضد الصهاينة حتى نال الشهادة عام 2015م، وقبل شهادته كتب سيرة حياته الجهادية في كتاب «قصتي»،و كان آخر فصل فيه هو «عُدتُ لكي أعود» وهكذا كان سمير القنطار الصادق فيما كتب.

  • تكفير ومحو السيئات: البلاءات تعددها وتنوعها لطف من الله على عباده حيث تكفّر الذنوب وتمحق السيئات!

فالبلاء ظاهره شدة، ولكن باطنه وعاقبته لطف ورحمة وحُسن خاتمة!

فالمريض الذي يأنّ من المرض وأوجاعه، فإن ذنوبه تسقط كسقوط الورق من الشجر وقت الخريف، فيعود الإنسان الطاهر من الذنوب المبرأ من العيوب، والذي يفقد ولده فإنه يكتب من أهل الجنة ويُمحى عنه ما يوجب النار.

  • رفع الدرجات: وإذا انصب البلاء على أحد فإن الله يعطيه الثواب العظيم ويرفع من مقامه ودرجته؛ فهناك بعض المقامات لا يمكن الوصول إليها ونيلها إلا بأن يجتاز الإنسان بلاءاً خاصاً؛ فالإمام الحسين (علیه السلام) لم ينل هذا المقام الشامخ إلا بعد أن اجتاز البلاء حيث قدم دمه ونفسه وأهله من أجل دين الله تعالى.
  • الإعراض عن الدنيا: إن حب الدنيا رأس كل خطيئة؛ والإعراض عن الآخرة سببه التوجه للدينا وحبها، وهو سبب الشقاء والخسران ..

والإنسان الذي يعيش البلاء الدائم، والمصائب المتلاحقة، والغصص المرّة: من فقد عزيزٍ، و من مرضٍ مزمنٍ دائم، ومن سجنٍ مرير و…، فإن إنساناً هكذا لا يبقى له تعلق بـ«الدنيا»، بل يكره الدنيا ويرغب في الآخرة، وإذا لم يتمكن من السفر لـ«الآخرة» بجسده وروحه، سافر إليها بـ«روحه» وفكره وقلبه.

وهذا هو قمة «الكمال الإنساني» حيث يستقر «الحب الإلهي» في القلب والوجدان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى