القرآن الكريم

أحبتي .. إن القرآن الكريم هو الكتاب الخالد والمعجزة الباقية وهبة السماء إلى الناس؛ والذي يجلس على مائدة القرآن يزداد في الهدى، فتسمو روحه للعُلى، فيّطهر القلب ويزال عنه الرين والصدأ ببركة القرآن.

فكثرة قراءة القرآن والاستماع إليه، خصوصاً في عمر الشباب الطاهر، يجعل الروح شفافة نقية طاهرة، تميل إلى الخير وتنفر من الشرّ والمعصية ..

تعلم قراءة القرآن

وأقل خطوة من أجل الارتباط بالقرآن تعلم قراءته بشكل صحيح؛ «فخيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»، فالذي لا يُحسن قراءة القرآن عليه أن يتعلم في كل يوم شطراً منه عند أستاذ أو شخص يُجيد القراءة الصحيحة، فبعد مدة سوف يكون قادراً على قراءة كل القرآن، فلا بد من الصبر على التعلم، خصوصاً تعلم القرآن، فإن فيه خير الدنيا والآخرة.

فهم معنى القرآن

الخطوة الثانية للارتباط بالقرآن هي أن نقوم بفهم القرآن من خلال قراءة التفاسير والاستماع إلى المحاضرات القرآنية، ولا ينبغي أن تكون علاقتنا مع القرآن في حدود (القراءة فقط)، بل لا بد من التعرف على معانيه، حتى نهتدي بهداه ونعتبر بإرشاداته ونبني ذواتنا بزاده وعطائه.

العمل بالقرآن

الخطوة الثالثة للارتباط بالقرآن هي أن نعمل بما يأمرنا به و ننتهي عما ينهانا عنه؛ فإذا فهمنا من القرآن أنه يحب الصادقين فلا بد أن نصدق ولا نكذب، وإذا أمرنا القرآن بغض البصر لم ننظر إلى المحرمات، وإذا نهانا عن المحرمات وهجران الأرجاس لم نقترب من أي محرّم وهكذا.

اللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، واجْعَلِ الْقُرْآنَ لَنَا فِي ظُلَمِ اللّيَالِي مُونِساً، وَ مِنْ نَزَغَاتِ الشّيْطَانِ وَ خَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ حَارِساً، وَ لِأَقْدَامِنَا عَنْ نَقْلِهَا إِلَى الْمَعَاصِي حَابِساً، وَ لِأَلْسِنَتِنَا عَنِ الْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ مِنْ غَيْرِ مَا آفَةٍ مُخْرِساً، وَ لِجَوَارِحِنَا عَنِ اقْتِرَافِ الآثَامِ زَاجِراً.[1]

بركات القرآن

إنّ بركات القرآن تشمل الدنيا والآخرة، والظاهر والباطن ..

أما في الدنيا: فالقرآن يشرح القلب والروح، فالذي يعيش القرآن يكون مطمئناً سعيداً، لا يحسّ بالقلق والاضطراب، والقرآن يقويّ البصر ويحفظه من الآفات، وقراءة القرآن تجلب الخير والرزق وتجعل البيت يشرق بأنواره، والنظر للقرآن عبادة حتى مع عدم القراءة ..

وأما في الآخرة: فالقرآن يبارك لنا عندما نُوضع في القبور ونسكن تحت الثرى، ويوسّع ويفسح لنا اللحود، والقرآن يكون لنا الحافظ من الفضيحة يوم القيامة والمُسكّن للخوف في المحشر، والقرآن يُثبّت الأقدام عندما تضطرب على جسر جهنم؛ والقرآن ينوّر الوجوه يوم تسوّد الوجوه و يُخفّف أهوال يوم القيامة ..

اللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، وَ هَوّنْ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى أَنْفُسِنَا كَرْبَ السّيَاقِ، وَ جَهْدَ الْأَنِينِ، وَ تَرَادُفَ الْحَشَارِجِ إِذَا بَلَغَتِ النّفُوسُ التّرَاقِيَ.[2]

قصة الرجل التائب

يروى أن شخصاً كان يقطع الطريق ويسرق البيوت، وكان موضع خوف من قبل الناس! حتى أن القوافل إذا مرّت بجنب المدينة التي يسكنها هذا المجرم فإنها تتوقف ولا تسير في الليل خوفاً منه! وفي ليلة من الليالي وبينما كان المجرم يتسلق البيوت من أجل السرقة، وينتقل من بيتٍ إلى بيت، وإذا به يستمع إلى شخصٍ يقرأ القرآن بصوتٍ خاشعٍ حزين فشدّه الصوت وأصغى إلى هذا القارئ صاحب الصوت الجميل .. وإذا به يقرأ <أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ>[3]، فوصل تأثير هذه الآية إلى قلب ووجدان المجرم فقال: بلى. فتاب توبة نصوحة وغيّر حياته كاملة، فلم يعد يقطع الطريق ولا يسرق البيوت، وهكذا يغيّر القرآن الحياة ويهدينا إلى الصراط المستقيم.


[1]- الصحيفة السجادية، دعاء ختم القرآن

[2]- نفس المصدر

[3]- الحديد: 16

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى