الظالم الثالث بين نعيله و معتلفه

يقول أمير المؤمنين (ع) : (( إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ  بَيْنَ نَثِيلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ- [خَضْمَ‏] خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَ أَجْهَزَ  عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُه‏))[1].

و لم هؤلاء الثلاثة ؟!

يحكم الأول ثم يأتي الثاني و يسود، و ها قد جاء دور الثالث يتسلط على الرقاب و يجوز ! و لكن لم هؤلاء الثلاثة فقط ، و لِمَ لم يحكم الأمة الإسلامية غيرهم ؟ فهل كانوا أفضل رجال الأمة و خُلّص صحابة الرسول ’ و أكثر من ضحى للإسلام و تفانى من أجله ؟ أم كانوا أعلم هذه الأمة و أفقه رجالاتها و أكيس ساسة الرعيّة و أكثرهم خبرةً و أجدرهم بإدارة شؤون الأمة و مقدراتها ؟ إنها قصة حزب الشيطان و النفاق … و الأمة الضائعة !!

لأنّهم من حزبٍ واحد !

إن السبب في تقدم هؤلاء دون سواهم: أنهم من حزبٍ واحدٍ، ذلك الحزب الذي تحالف في الخفاء  مع صناديد قريش المستسلمين، و تعاضد مع علماء اليهود و النصارى الذين ما دخلوا في الإسلام متظاهرين إلا من أجل الكيد به و بالمسلمين ! و الأدهى في كل ما فعلوه أنّهم اتفقوا و أقسموا  يميناً على أن يُبعدوا علياً (ع) و يزووا الحق عن أهله، و يحرفوا الإسلام عن مساره، فكان أوجع وأقوى ضربة قاموا بها: أن استولوا على الخلافة الذي يمكّنهم من تحقيق كل أهدافهم المشومة !

الإنحراف يبدأ من السقيفة و يحط رحله بملك ابن هند !

و هذا الحزب … حزب  الشيطان … و حركة النفاق هي أشدُّ ما ألحق الأذى بالمسلمين و الإسلام ؛ حيث بدأ الانحراف من (مؤتمر السقيفة) التأمري ليحط برحاله عند كفّار الأمس و منافقي اليوم عند رأس الضلال معاوية بن أبي سفيان !

 فهؤلاءالثلاثة من (حزب النفاق) و من ورائهم صناديد  قريش (حزب الكفر) و بالتعاضد مع (علماء اليهود) : قد جلسوا في تلك الغرف المغلقة المظلمة و خطّطوا و تآمروا على أبناء هذه الأمة البائسة و نظموا أنفسهم بدهاء و من خلال تقاسم الأدوار، على أن يستولوا على مقدرات الأمة! فقد كانوا يجلسون و يفكرون و يخططون و … ، و الناس لا علم لهم بكل  ذلك ! جتى صارت الأمة و كل مقدراتها تحت أسر مخططات هؤلاء الظلمة !!

الأمّة الأسيرة لحزب النفاق !

و هكذا أمست الأمة الإسلامية مسلوبة الإرادة : فلا هي تقدر على تقرير مصيرها و لا تجد من نفسها أهلية اختيار قياداتها؛ فكل شيء قد رُسِم لها و خطّط له، و ما على الأمّة إلا أن تمتثل و تطيع، و لا يحق لها أن تعترض على أي مصير ! و من يعترض كأمثال أبي ذر الغفاري   فإنّ مصيره النّفي و الإقصاء و الموت في الصحاري القفار ! و هذا إنذارٌ لكل من يفكر بالاعتراض من أبناء هذه الأمة : قتلٌ و سجنٌ و تعذيب، ولو كان المعترض بقامة و عظمة أبي ذر الغفاري !!

يقظة الشعوب و تحررها !

فعلى الأمم و الشعوب و أبنائها الشرفاء أن لا يغفلوا عمّا يُحاك ضدّهم، و لا يعيشوا البساطة و السذاجة فيما يرجع إلى أمور السياسة، فهي إن نامت فإنّ العدو لن ينام عنها بل سوف ينقض عليها و إن غفلت فإنّه لن يغفل عنها، و إن تركته وشأنه فهو لن يتركها ! فالعدو لا يرضى من الشعوب إلا بأن تكون أسيرة بيده، مطيعة لأمره، خادمةً لمصالحه مسلّمةً لأمره و نهيه !

حزب النفاق و جهل الناس !

جهل الأمة و عدم وعيها، و وجود مثل هؤلاء المتآمرين من حزب الشيطان و النفاق و عبّاد الهوى، قد اجتمعا على الأمير (ع) و قصما ظهره وأبعداه عن منصبه!

جهلٌ و تآمر، مسوس و سائس ، مطيعٌ و آمر ، فبقى الإمام  (ع) وحيداً فريداً: يعاديه هؤلاء ببغضهم وتآمرهم وحقدهم وشيطنتهم، و يعاديه أولئك بجهلهم و عدم وعيهم و سذاجتهم !

 فلا المعادي يرتدع عن غيّه و ظلمه و لا الأمة تستوعب ما يُكاد لها و ما يُخطط ضدها ! و هكذا خسرت الأمة و ضاعت و تراجعت: حيث استولى اللئام و اضُّطهد الكرام، وضلّت الأمّة بعد ذلك الهدى و زلّت بعد ذلك الرشاد !

 نعم ” إنّ السبب في جميع الإنحرافات التي تقع في العالم منذ البداية و حتى النهاية، ما مضى منها و ما سوف يأتي يتمثل شيئين لا أكثر و جميع الإنحرافات الفرعية تنتهي إلى هذين الأصلين: الجهل و عبادة الهوى “[2]

الأمة الواعية و طريق الكمال !

و الأمم و الشعوب لا يمكن لها أن تتقدم و تسلك طريق الكمال إلا بأن يوجد الرجل الصالح الذي يكون أهلاً لقيادة الأمة، و ذلك من خلال ما يتمتع به من مؤهلات فكرية و روحية و استقامة عملية، و يعيش همّ الأمة و يسعى للرقي بها، و هو معها في آمالها و آلامها … ، هذا من جانب.

 و من جانب آخر : فإنه لابد من وجود أمّة واعية فاهمة تُقدم أمثال هؤلاء المخلصين من أصحاب الإيمان و الكفاءة و التجربة، و في نفس الوقت تعي أحابيل الشياطين و مكائد المنافقين فلا تنخدع بأبواقهم الإعلامية الكاذبة و لا تنجر وراء خططهم  الخادعة … ، تعي كل ذلك حتى لا تشقي نفسها بنفسها ، ولا تكتب بداية نهايتها بسوء اختيارها : المسبَّب عن جهلها و عدم بصيرتها !

بالفكر و الإدارة تكون السيادة !

و هكذا تُدار الدول و تسيّر شؤون الناس، فمن يُفكّر و يُخطط و يضع البرامج و يملك العزم و الإرادة فإنّه يسود و يحكم و يستولي على مقدرات الأمة؛ سواءً كان ذلك في طريق الحق و لأجل المبادئ العادلة الربانية، أم كان في طريق الباطل و لأجل المبادئ الجائرة الشيطانية .

 فالعزم و الإرادة و التصميم و التخطيط و التفكير، بكل ذلك يمكن أن يُتم الحُكم و تحصل به السيادة !

 أما من يعيش خواء الإرادة و ضعف الهمّة، أو لا يكون صاحب فكر و رؤية و تخطيط: فإنّه لن يقدر على أن يوجد لنفسه موضع قدمٍ في الحكم، و لن يتمكن من تقرير مصيره بنفسه، بل سيكون تابعاً دائماً و مطيعاً أبداً، و مُسيّراً لا يملك قوة و لا حولاً، إلا أن ينفذ ما يُملى عليه ، شاء أم أبى !!

الأمّة التي لا تُعظّم العظماء !

و الأمّة لن تنتفع بوجود العظماء حتى كأمثال الإمام علي (ع)، إذا لم تكن واعية و مدركة لعظمتهم وجلالة قدرهم، و أنّهم الخيار الذي لا ينبغي العدول إلى غيرهم، و القادة الذين لا تصلح الأمّة إلا بطاعتهم و السيرفي ركابهم.

 و لن تنتفع الأمة بوجود هؤلاء العظماء إذا لم تعي بأن هناك أبناء دنيا و شياطين من الأنس يسعون لتحصيل مآربهم و رغباتهم و شهواتهم، و يقدّمون مصالحهم الذاتية الدنية على مصالح الأمة العالية!

 و هؤلاء الشياطين في حرب ضروس، في الخفاء أو في العلن، ضد أمثال الإمام علي (ع) فهم لا يتمكنون من الوصول إلى دنياهم الفتون إلا بإزواء أمثال الإمام علي (ع).

فإن وعت الأمّة وأدركت عظمة الإمام علي (ع) و وقفت معهم و وعت مخططات أعدائهم و وقفت بحذر ضد مكائدهم ، فعند ذلك ستصل الأمة إلى صلاحها و ستنتفع من مقدراتها و إلا فأنّها سوف تخسر و تضل و تغوى، و ذلك بعد أن تجعل أمثال الإمام علي (ع) وحيداً فريداً !!

بين نثيله و معتلفه !

لقد بيّن أمير المؤمنين (ع)  المنهج السياسي لهذا الغاصب الثالث و وضّح كيفية حكمه للأمة بأدق تعبير و أوجز عبارة … ” بين نثيله و معتلفه “[3]، فما كان همّه و هم حاشيته إلاأن يأكلوا مقدرات هذه الأمة ويتمتعوا بها، يملؤون بطونهم منها حتى البطنة و زوال الفطنة !

 و الإستفادة من متع الدنيا حصرٌ عليه و على حاشيته، لا تتعداهم و لا تتجاوزهم إلى غيرهم !

و أمّا الأمة -التي شبع قائدها و حاشيته- فهي تتضور من شدّة الجوع لا تجد قوت سومها، و قد اشتدّ بها الظمأ و هي لاتهتدي لشرب مائها ! قهي تجوب الصحاري بحثاً عن ماءٍ هنا أوكلأٍ هناك، و قد لا تجدهما فتموت جوعاً و تهلك عطشاً !

و لن نظلم الخليفة و حاشيته، فهو يواسي الأمة اليوم و يتألم مع ألمها، ألم سببه الطعام و الشراب، و لكن مع هذا الفارق البسيط ! البسيط جداً !

فالأمة تتألم بسبب قلة الطعام و الشراب، والخليفة و حاشيته يتألمون لكثرة الطعام و الشراب الذي ملأ بطونهم حتى أوقرها !!

 هكذا  كان حال عثمان حيث لم يكن له هم إلا الترفّه و التوفّر في المطعم و المشرب و سائر مصالح نفسه وأقاربه ، دون ملاحظة أمور المسلمين و مراعاة مصالحهم !

و بئرٍ معطلة و قصرٍ مشيد !

هكذا كان منهج هذا الرجل الذي كان ينظر إلى الخلافة على أنّها مكسب شخصي، و ثمرةٌ لتضحياته، وسابقة إسلامه، و جزاء ما بذل في سبيله! و اليوم جاءته السلطة و له أن يفعل فيها ما يحلو له و يشاء: يغدق على حاشيته و على أقربائه و أهله، و على كل من شايعه و سار في خطه و منهجه !

وأما سائر طبقات الأمة و عامة شرائحها : فلا نصيب لها من السلطة بشيء و لا يحق له أن تعترض على أي شيء و لا تطلب أي شيء و إنّما عليها أن تأكل مما يُلقى عليها من فتات القصور و حاشية السلطان … {وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشيد}[4].

الإسلام العثماني و شقاء الناس !

و الإسلام بمنهجه و بأحكامه و تشريعاته و بمبادئه الرفيعة التي جاء بها، و التي من خلالها حكم الشرق و الغرب، و أسعد و أغنى من عاش تحت كنفه و استظل بفيء ظلال أحكامه … ، فإنّه اليوم و في زمن خلافة عثمان بات عاجزاً عن سدّ قوت جائعٍ هنا أو كسو عُريانٍ هناك، أو أن يأوي مشرّداً لايجد له منزلاً في وسط الظلام !

 و السبب في كل ذلك لا يعود للإسلام ، و لا لشحّة مقدرات الأمة و ما فيها من خيرات، و لا أنّ العلة في عامة الناس ! و إنّما المشكلة في (الحكّام) لا في الأحكام، و في (الجشع) لا في الخيرات، و في (النخب) لا عامة النّاس!

 فالمنهج و إن كان كاملاً لا نقص فيه و لا عيب،كما هو منهج الإسلام إلا أنّه لن ينتفع به إذا ابتلي بمن لا يُجيد تطبيق الرؤى و الأفكار والمبادئ و الأحكام بل لا يسعى للتطبيق من الأساس !

و الأمّة وإن كانت تملك ما تملك من الخيرات والكنوز و الثروات إلا أنّها لن تنتفع من كل ذلك إذا تكدّست هذه الأموال في جيوب الطغاة و حرمت الرعية من الانتفاع بها و عاشت الفقر و الحرمان، كما حصصل في زمن عثمان، وكما هو حاصل اليوم في أغلب الأماكن و البلدات،  بل و في كل الأزمان ((َمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ))[5].

السياسة العثمانية الإنحرافية !

و عثمان … أبعد الكفاءات أمثال عمّار و أبي ذر و سلمان، و قدّم الأنذال أمثال معاوية و ابن أبي السرح ومروان، و أما أمير المؤمنين (ع) فقد أقصاه و أبعده مسافات و مسافات !!

فما عسى أن تكون سياسته و منهاج عمله: عندما قرب الطلقاء و أبناء الطلقاء و جعل ممثله و السائس الأول في حكمه الوزغ ابن الوزغ مروان ؟! و كيف ستعيش الأمّة الشرف و الكرامة و قد أصرّ بمنهجه الإنحرافي على إقصاء الشرفاء و إبعاد الكرماء؟! بل قام بمحاربتهم و عذّب و نفى بعضهم كأبي ذر الغفاري حتى قتله في غربته بعيداً عن أهله و أحبته !

عثمان و آل أمية !

و عثمان ، لم يقم بأعباء الخلافة لوحده بل قام معه بنو أبيه و هم بنو أمية (الحزب الأموي) الكافر، يعاضدونه و يعاونونه و يثبتون سللطان حكمه، ويتقاسمون مقدرات الأمة معه! فقد أكلوا بيت مال المسلمين، و استولوا على كل مقدراتها بما يذهل له عقل الإنسان، و يعجب من عطاياه -لأهله و حاشيته و اتباع حزبه- ما يحيّر الألباب … و كما يقول الأمير عليه السلام : (( وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ- [خَضْمَ‏] خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ!))[6]

خضموا مال المسلمين خضماً!

ما أشهى الطعام بعد ضورة الجوع، و ما أحلى الأكل إذا كانت الأطعمة نضرةً طيبة ! هكذا أكل عثمان و أقاربه من بيت مال المسلمين: فقد كانت الأموال طائلة و كثيرة، طيبة و نضرة، و قد جاءت بعد طول انتظار وعقب الضر و الافتقار!

نعم، لقد انقضّوا على ثروات الأمّة و مقدراتها كما تنقض الإبل على نبت الربيع حيث إن الإبل تستلذ ببنت الربيع، فتلتهمه بشهوة صادقة، فملأت منه أحناكها تخضمه خضما؛ فنبت الربيع محبوب لديها و قد جاء عقيب يبس الأرض و طول مدة الشتاء، مع طيبه و نضارته ! كما يقول الأمير (ع) : ((وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ- [خَضْمَ‏] خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ))

و إلى متى الصبر ؟!

و على كل حال، فمواهب عثمان لأهله و ذويه و حاشيته مشهورة، و كذا حالة الفقر و البؤس المخيمة على عامة طبقات الأمة و بالأخص المحرومين منها – هي مشهورة – أيضاً !

و لكن ، إلى متى يصبر الناس على شظف العيش؟ و إلى أي حدّ يمكن أن تصبر الشعوب على آلام الجوع و أصناف الحرمان ؟ و حتى متى يقبل الكرماء أن يرضوا بالعيش على هامش حياة الطغاة : يأكلون فتاة طعامهم ، و يرون كيف تُسرق أموالهم و أقواتهم ، ويعاينون كيف يشقى أهلهم و أطفالهم ؟!

فكان لابد من الثورة و القيام ؟!

فكان لابد من الثورة و القيام … ، و هذا ما حصل؛ فآثار سياسة عثمان الظالمة و جعلها تعيش الفقر المضقع كان كفيلاً بأن يكبو على وجهه و تنتهي مدة حكمه ! و كما يقول أمير المؤمنين (ع) : ((إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَ أَجْهَزَ  عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُه))[7]

إمّا أن يرجع إلى رشده و إما الثورة التي تسقط عرشه !

نعم ، قد جاءت الثورة و قوّضت سلطان حكمة و أسقطت أبّهة عرشه، و إن كان الناس قد تأخروا في القيام !

و على كل حال، كان لا بُدّ من الثورة و القيام على كل من يحكم الأمة بمثل هذه السياسات الجائرة، ولا يصح من الناس أن يسكتوا على مثل هذه الانتهاكات الظالمة: فخيرات الأمّة لكل الأمّة، لا لفئة خاصة مستبدّة! و مقدرات الشعوب تُقسّم بين أبنائها ، لا أن يستولي عليها الحاكم و مَن دار في فِلكه !

فإذا أرادت الشعوب أن تعيش حرّة عزيزة قوية كريمة: فعليها أن لا تغُضّ الطرف عن مثل هذه التجاوزات، و لا ترضى بواقع البئر المعطل و القصر المشيد، و لا تقبل بفتات موائد الطغاة، و الحال أنّ الأوطان غنية بنعم الرحمان !

بل لا بد لها أن توقف الظلم عند حدّه و الظالم تحاسبه على ظلمه فإن آب و رجع إلى رشده و إلا فالثورة التي تقوّض عرشه و تزلزل دولته، حتى يعود الحق إلى أهله و يعيش الناس كباقي الكرماء: لا يستجدون من الحكام و لا من أزلام النظام !

 يقول الإمام علي عليه السلام : ((اسْتَعْمِلِ الْعَدْلَ وَ احْذَرِ الْعَسْفَ[8] وَ الْحَيْفَ[9] فَإِنَّ الْعَسْفَ يَعُودُ بِالْجَلَاءِ وَ الْحَيْفَ يَدْعُو إِلَى السَّيْف‏))[10]


[1]  نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 49

الخطبة (3) و من خطبة له ع و هي المعروفة بالشقشقية و تشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له!

[2] العرفان الاسلامي، ص 85.

[3] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 49 ، الخطبة (3)

[4] الحج : 45.

[5]   نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 533،  الحكمة 334

[6] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 49 ، الخطبة (3)

[7] المصدر نفسه.

[8] الشدة في غير حق.

[9] الميل عن العدل إلى الظلم.

[10]  نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 559، الحمكة: 484

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى