حزب النفاق يعود لحرب الإمام عليه السلام
جدول المحتويات
يقول أمير المؤمنين ×: ((فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَ مَرَقَتْ أُخْرَى وَ [فَسَقَ] قَسَطَ آخَرُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ [حَيْثُ] يَقُولُ- {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[1] بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَ وَعَوْهَا وَ لَكِنَّهُمْحَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَ رَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا[2]))[3]
طلب العلو و الإفساد في الأرض!
المارقون و القاسطون و الناكثون، أوجهٌ متعددةٌ، ومشارب متفرقةٌ، وآراء متباينةٌ، وميولاتٌ وأهواءٌ متناقضةٌ، هذا بحسب الظاهر و بالنظر الأولي البدوي و النظرة السريعة غير العميقة!
إلا أنّك إذا تعمقت في الأمر و تجاوزت القشر و الظاهر ووصلت إلى اللّب والباطن، وأعدت النظر مرة بعد أخرى، لأتضح لك شيء آخر، وأنّ هذه أوجه متعددة لعملةٍ واحدة!
فهناك ما يجمعهم ويوحدهم على الاصطفاف ضد الإمام علي ×، و محاربة الحق و مناجزة راية الهُدى…. إنه طلب العلو في الدنيا و الإفساد فيها!
حب الدنيا رأس كل خطيئة !
لقد كانوا يلهثون وراءالمنصب و الرئاسة و الزعامة، ويعشقون الكرسي و الإمرة، ويتناحرون من أجل السيادة و التحكم على رقاب العباد، فالدنيا قد حليت في أعينهم، فأخذت بشغاف قلوبهم، وأعمت أبصارهم و أسكرتهم فجعلتهم يتيهون: فلا يبصرون طريقاً و لا يهتدون سبيلاً !
فقد كانت (الدنيا) هي المعشوق لهم و المهوى لأفئدتهم، وكانت الدنيا كل آمالهم!
و الحال أن الدنيا رأس كل خطيئة ومصيبة وفاجعة! و أول فجائعها: أن تسلم الانسان دينه و ايمانه و عقله! و هكذا خدعتهم الدنيا و غرّتهم، و وثقوا بها فصرعتهم! حتى وصلوا في آخر المطاف إلى حرب مولى الموحدين و أمير المؤمنين × والذي لولاه ما قام الدين! فسقطوا في وادي الضلال و ارتحلوا إلى نيران الخالدات!
و إنما بدأ وقوع الفتن أهواء تتبع … !
فهم – المارقون و القاسطون و الناكثون – لم يعيشوا الدّين إلا ظاهراً و لم يلتزموا بالإسلام إلا نفاقاً ولم يعبدوا الله إلا كرهاً، فقد كانوا يعيشون قشور الإسلام ويكتفون بظواهر الأحكام ولم يوصلوا إلى قلوبهم حاق الإيمان!
فكان ماكان: أن سفكوا الدماء، وهتكوا الأعراض، ونهبوا الأموال، وعاثوا في الأرض الفساد!
و الأدهى والأمر من فعالهم: أنهم زعزعوا دولة العدل الإلهي، وفوّتوا على الإسلام والمسلمين أفضل فرصة نورانية انشر الإسلام الأصيل فيها بيد أمير المؤمنين ×!
كلُّ ذلك بسبب أطماعهم وأهوائهم وشيطنتهم، ونتيجة جهلهم و ضحالة أفكارهم.
يقول أمير المؤمنين ×: ((إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالًا عَلَى غَيْرِ دِينِ اللَّهِ))[4]
حاربوا علياً لأنه يهدد دنياهم !
ما كانوا يجهلون علياً × ولا علمه ولا عدله و لا كل فضائله !
و ما كانوا يشكّون في أنّه الخليفة الحق، فهم على يقين من كل ذلك !
و مع كل ذلك حاربوه و عادوه و ناجزوه؛ لأنّه كان يهدد دنياهم الفتون و معشوقهم الظلوم!
وحب الشيء يعمي و يصم؛ و قد أعمتهم الدنيا و أصمتهم الآمال، فغدوا صرعى الشهوات وأسرى الرغبات، فقد صرعتهم الشهوات قبل أن تأخذ السيوف أرواحهم، و قتلتهم الأماني قبل أن يخطف الموت أنفاسهم !
نعم، لقد ماتوا قبل أن يموتوا؛ ماتت أرواحهم و زالت القيم عنها و انمحت عناصر الخير منها … .
و من ثم تم الاجهاز على أجسادهم و أبدانهم ! فـ ((أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِع))[5] ((ِ وَ الْأَمَانِيُّ تُعْمِي أَعْيُنَ الْبَصَائِرِ)) [6].
الدنيا تتلون لأبنائها فتخدعهم !
و هكذا الدنيا، تأتي إلى كل شخص و إلى كل صنفٍ من الناس باللون و الشكل الذي يمكن أن تخدعهم و ترديهم و تصرعهم، فهي –الدنيا- تُجهز على الجميع بمختلف ألاعيبها و أصناف حيلها: فمنهم من (ناكث) ومنهم من (قاسط) و منهم من (مارق) ! فكلهم أبناء الدنيا و كلهم قتلالها ، و لأجلها حاربوا علياً ×…
قال أمير المؤمنين × : ((أَنَا حَجِيجُ الْمَارِقِينَ وَ خَصِيمُ النَّاكِثِينَ الْمُرْتَابِينَ وَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تُعْرَضُ الْأَمْثَالُ وَ بِمَا فِي الصُّدُورِ تُجَازَى الْعِبَاد))[7]
(( لَا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ ’ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحَدٌ وَ لَا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ وَ عِمَادُ الْيَقِينِ إِلَيْهِمْ يَفِيءُ الْغَالِي وَ بِهِمْ يُلْحَقُ التَّالِي وَ لَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَايَةِ وَ فِيهِمُ الْوَصِيَّةُ وَ الْوِرَاثَةُ الْآنَ إِذْ رَجَعَ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ وَ نُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِه))[8]
فالكل يزعم -بقتالهم للإمام علي ×- أنّهم طالبون للحق ناصرون له!
أولاً : مع الناكثين و(حزب الجمل)
كانوا من السابقين!
طلحة والزبير، كانا من السابقين في دخول الدين، و تحمّلا من أجله أصنافاً من الأذى صابرين محتسبين، وقارعوا وصمدوا أمام ترهيب القرشيين، في تلك الأيام الشداد و عندما كان الإسلام غريباً وحيداً يعاني قلّة المسلمين وكثرة المعاندين!
عاينوا ظلامات إخوتهم وكيف أنّ صناديد قريش يسومونهم سوء العذاب: يقتلون ياسر و زوجه ويعذّبون عماراً وبلالاً … ! فقد كانت القسوة بادية و الثبات مستميتاً، والبلاء عظيماً والصبر جميلاً!
هكذا كانت بدايتهم و لكن كيف صارت خاتمتهم ؟!
لأنهم كانوا مع الله … !
طلحة و الزبير … عاشا تلك الأجواء و صبرا على تلك الصعاب وتحمّلا أصناف العذابات! لأنّها كانا يرجون (الله).
بذلا ماكانا يملكان و نظرهما متوجهً نحو (العقبى) معرضاً عن (الدنيا)، فكان ذلك الثبات و تلك الإستقامة على طريق ذات الشوكة !
و هكذا تصمد النفوس و تثبت الأقدام و تطمئن القلوب، ويعقب كل ذلك سعادة في الدنيا وفلاح في الأخرى.
و كما يقول الإمام علي ×: ((ِ أَلَا وَ إِنَّهُ لَا يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ شَيْءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ دِينِكُمْ، أَلَا وَ إِنَّهُ لَا يَنْفَعُكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ دِينِكُمْ شَيْءٌ حَافَظْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ))[9]
طريق ذات الشوكة و المنزلقات !
و طريق ذات الشوكة يحتاح إلى الاستقامة على الهدى، و مراقبة النفس من أن تزلّ فتردى!
و أصعب ما في ارتياد (طريق الهدى) و (سبيل الإيمان) و(العبور على الأشواك): هو الثبات و عدم التراجع و الانهزام؛ فقد يصمد الإنسان في أولى الساعات و الأيّام و السنوات إلا أنه يتعثر أو يسقط مع كثرة المنزلقات و شدّة العَقبات و تطاول الزمان، ومع تنوع الفتن و تتابع الاختبارات و المحن! حتى يحصل الانقلاب على الاعقاب وتهديم كل ما شيّد من بناء، و من ثم الهوي في النيران !
يقول الإمام علي × و هو يشكو من فعل طلحة و الزبير و من سار في ركابهما : ((فَقَدِمُوا عَلَى عُمَّالِي وَ خُزَّانِ بَيْتِ [مَالِ] الْمُسْلِمِينَ الَّذِي فِي يَدَيَّ وَ عَلَى أَهْلِ مِصْرٍ كُلُّهُمْ فِي طَاعَتِي وَ عَلَى بَيْعَتِي فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ وَ أَفْسَدُوا عَلَيَّ جَمَاعَتَهُمْ وَ وَثَبُوا عَلَى شِيعَتِي فَقَتَلُوا طَائفَةً منْهُمْ غَدْراً وَ [طَائفَةً] طَائفَةٌ عَضُّوا عَلَى أَسْيَافِهِمْ فَضَارَبُوا بِهَا حَتَّى لَقُوا اللَّهَ صَادِقِين))[10]
من حب الله إلى حب الدنيا!
إنّ أعظم سبب لكلّ الانزلاقات وأخطر شيء بسبب تضييع المكتسبات بل السبب المحوري لكل الانحرافات هو (حبّ الدّنيا) و الارتماء في اللذائذ و الشهوات و الاغترار بالمال و الجاه و الحطام … فـ” َ حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ “[11] !
و عندما يفرغ القلب من (حبّ الله) ويضع محله (حبّ الدّنيا) فعندها سوف يتغير (المسار) بعد أن تغيرت قِبلة الفؤاد و سوف تذهب تلك التضحيات أدراج الرياح بفعل العواصف العاتية للأماني و المشتهيات التي لا تبقي و لا تذر شيئاً من الجهود و الانجازات …. يقول الإمام علي × : ((وَ إِنَّمَا طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَداً لِمَنْ أَفَاءَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَرَادُوا رَدَّ الْأُمُورِ عَلَى أَدْبَارِهَا))[12].
و هكذا خسروا … !
و هكذا خسر طلحة و الزبير و أمثالهما؛ فبعد كل تلك التّضحيات والصّبر على طول المعاناة والبذل في خدمة الإسلام ….. وبسبب الوقوع في شراك الدنيا و الانخداع بزخرفها و زبرجها و اللهث وراء حطامها، وإرادة العلو و الإفساد فيها … فإنّهما دمّرا كلّ ما أنجزاه و احرقا كل ما جمعاه، فكانت الخاتمة السيئة والعاقبة المظلمة و خسران الدنيا و الآخرة!
يقول أمير المؤمنين × وهو يظهر عذره في قتال أصحاب الجمل: ((فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اللَّهِ ’ كَمَا تُجَرُّ الْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِي بُيُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِيسَ[13] رَسُولِ اللَّهِ ’ لَهُمَا وَ لِغَيْرِهِمَا فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَ قَدْ أَعْطَانِي الطَّاعَةَ وَ سَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا وَ خُزَّانِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً غَدْراً فَوَاللَّهِ [إِنْ] لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا رَجُلًا وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ بِلَا جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ الْجَيْشِ كُلِّهِ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا وَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لَا بِيَدٍ دَعْ مَا [إِنَّهُمْ] أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ الْعِدَّةِ الَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِم))[14]
قصة طلاب الرئاسة في كل الأزمان!
لقد بايع طلحة و الزبير علياً × طمعاً بولاية الكوفة والبصرة، لكنّهما لما رأوا ثبات علي × في دينه وعزيمته الراسخة التي لا تلين و وجدوا أن علياً مُصمم على أن يؤسس مسار حكومته على أساس الكتاب و سنة النبي ’ تمرّدا عليه ” !![15]
فقد استولى حبّ الجاه و الرئاسة على قلبيهما، فصموا و عموا و تخبّطوا في الظلمات … !
يقول أمير المؤمنين ×: ((كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجُو الْأَمْرَ لَهُ وَ يَعْطِفُهُ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ لَا يَمُتَّانِ إِلَى اللَّهِ بِحَبْلٍ وَ لَا يَمُدَّانِ إِلَيْهِ بِسَبَبٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَامِلُ ضَبٍّ[16] لِصَاحِبِهِ وَ عَمَّا قَلِيلٍ يُكْشَفُ قِنَاعُهُ بِهِ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ لَيَنْتَزِعَنَّ هَذَا نَفْسَ هَذَا وَ لَيَأْتِيَنَّ هَذَا عَلَى هَذَا))[17].
نعم ” فهذه هي قصّة طلاب الرئاسة على الدوام، فمعبودهم الرئاسة الرئاسة و كفى! و هم يضحون بكل شيء في سبيلها”[18].
ثانياً : مع القاسطين و (حزب صفين)
ما أسلموا و لما وجدوا أعواناً أظهروا الكفر !
معاوية بن أبي سفيان، هذا الذي أخذ الشيطان منه مأخذه و بلغ فيه أمله و جرى منه مجرى الروح و الدم! المختلف العلانية و السريرة، المتمادي في غِرَّة الأمنية … ، ما أسلم و لكنه استسلم و ترك الإسلام طائعاً و دخل فيه كارهاً! عاش كافراً و بقي منافقاً !
يقول أمير المؤمنين ×: ((فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا أَعْوَاناً عَلَيْهِ أَظْهَرُوه))[19].
فـ(معاوية) لم يُسلم بقلبه وإنّما أسلم بلسانه فقط خوفاً من القتل و قد أسرَّ الكفر فلما وجد عليه أعواناً وأنصاراً: أظهر الكفر الذي كان مستوراً و حارب الإسلام قتالاً مستميتاً!
قائدهم معاوية و مؤدبهم ابن النابغة !
معاوية بن أبي سفيان … يعلنها اليوم حرباً على علي × و يرفض بيعته و لا يراه خليفة شرعياً! و يتّهمه بأنه يحمي قتلة عثمان و هو ولي دمه و الطالب بثأره !!
و هكذا تفعل الدنيا بأولادها و من يسكر في هواها: تطير عقولهم وتسلب ألبابهم فلاتجعلهم يهتدون لحجة ولا ينطقون بمنطق و عقلانية!
فهم يهذون و يشرّقون و يغرّبون تائهين في الظلمات، ظلمات الجهل و الضغائن واللهث وراء الشهوات، وهي ظلمات بعضها فوق بعض، لا يهدي من وقع فيها ولا يقدر على الخروج منها!
يقول أمير المؤمنين ×: ((وَ أَقْرِبْ بِقَوْمٍ [20]مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ قَائِدُهُمْ مُعَاوِيَةُ وَ مُؤَدِّبُهُمُ ابْنُ النَّابِغَة))[21].
فإذا كان الرئيس القائد هو معاوية و المؤدب ابن النابغة و هما أئمة الغدر و الخداع و الجهل و البعد عن الله تعالى، فما هو حال الأتباع لهما؟! إنّه بعدٌ عن الله تعالى وجهلٌ به وحربٌ لأوليائه وأحبّائه!
معاوية يغدر و يفجر !
إنها الدنيا مرة أخرى، تزينت لمعاوية و حزبه، حزب الكفر و النّفاق و تلونت لهم هذه المرة بـ(قميص عثمان) يرفعونه و يتباكون عليه من أجل أن يصلوا إلى دنياهم الفتون!
نعم، رفعوا شعار المظلومية و لكن ليظلموا و تباكوا بالمقهورية ليقهروا! و دعوا لإقامة القسط لأجل أن يجوروا !!
إنّها الدنيا إذا راقت لعشيقها و لهث الحبيب في هواها: حيث لا تجعله يُبصر و تسكره فلا تتركه يرشد، فهو لا يبصر إلا الشهوات والأماني و النّزوات ولا يسمع إلا الملاهي و الموبقات!
يقول أمير المؤمنين × : ((وَ اللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي وَ لَكِنَّهُ يَغْدِرُ وَ يَفْجُرُ وَ لَوْ لَا كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ وَ لَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَ كُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ وَ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ اللَّهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِيدَةِ وَ لَا أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِيدَة))[22].
حارب علياً ظلماً و علواً !
و معاوية … كان يعرف من هو الإمام علي × فهو من الذين لا تخفى عليهم مكانته و منزلته في الإسلام، ولكن ماذا يؤثّر هذا العلم في معاوية عدو الإسلام الأول: الذي خلع لباس الكفر و ارتدى لباس النفاق من أجل أن يطمس معالم الدين !
و ماذا يعني لمعاوية شأن الإمام علي × الرفيع و هو الذي ما فتئ ليلاً نهاراً على إطفاء نور الهداية النازل من رب العالمين، حتى قالها صراحاً جهاراً: دفناً دفناً !!
و استمع إلى أن الأمير × و هو يتظلم و يشتكى من قريش: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ صَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِيَ وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي ثُمَّ قَالُوا أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِي الْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَه))[23] .
إنه قلبٌ قسى و روحٌ أظلمت و نفسٌ خبثت، وهو رأس الكفر و النفاق، معادٍ لأهل التقوى و الإيمان؛ وكيف لا يعادي معاويةُ علياً × و هو الطهر و النور و أساس الإيمان ؟!
يقول الأمير ×: ((وَ دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ *** وَ لَكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ
وَ هَلُمَّ الْخَطْبَ فِي ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي الدَّهْرُ بَعْدَ إِبْكَائِهِ وَ لَا غَرْوَ وَ اللَّهِ فَيَا لَهُ خَطْباً يَسْتَفْرِغُ الْعَجَبَ وَ يُكْثِرُ الْأَوَدَ[24] حَاوَلَ الْقَوْمُ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ مِنْ مِصْبَاحِهِ وَ سَدَّ فَوَّارِهِ مِنْ يَنْبُوعِهِ وَ جَدَحُوا[25] بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئاً فَإِنْ تَرْتَفِعْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ مِحَنُ الْبَلْوَى أَحْمِلْهُمْ مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَحْضِهِ وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى- {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُون}))[26]
حزب الشيطان لا يكفّ عن مناجزة حزب الله !
إنّه (حزب الشيطان) الذي لا يكفّ عن مناجزة (حزب الله) … في كل زمان و مكان ! فهي حربٌ ضروس بينهما ما دامت السماوات و الأرضون؛ فأبناء الدنيا و أبناء الآخرة، وحزب الشيطان وحزب الله، لا يمكن أن تخلو منهم الأزمان والأوطان: فلكل فرعون موسى و لكل نمرود إبراهيم و لكل معاوية علي !!
فلنفتّش في الزمان الذي نعيشه و المكان الذي نستوطنه: فنشخّص معاوية الزمان و علي المكان و نتخذ الموقف الإيماني: بالوقوف مع علي و حزبه (حزب الله)، و الموقف ضد معاوية و خزبه (حزب الشيطان)!
و هذه الحرب الضروس دائمة الاستعار حتى قيام الإمام المنتظر wو قيام الدولة العالمية، و عندها تكون كلمة الله هي العليا، بلا شريك و لا منازع، و تكون الحكومة للمستضعَفين والمظلومين، والعاقبة للمتقين!
ثالثاً : مع الخوارج و ( حزب النهروان )
عاشوا جهّالاً و ماتوا ضلالاً !
الخواج … أصحاب الجباه السود، القائمون بالأسحار، التالون للقرآن، الذين خدعوا الناس بتنسّكهم، وغرّوا الجهال بعبادتهم، الذين لم تتجاوز آيات الكتاب تراقيهم، و لم تُنر المناجاة قلوبهم، و لم تُلن العبادة قلوبهم !
هؤلاء وقفوا في حربٍ طاحنة دامية أيضاً في وجه إمام الحق و خليفة الله في السماء و الأرض! و قد كانوا مورداً لشكوى الإمام × بسبب جهلهم و ضلالهم : ((إِلَى اللَّهِ أَشْكُو مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالًا وَ يَمُوتُونَ ضُلَّالًا لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ وَ لَا سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً وَ لَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ لَا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَ لَا أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْكَر))[27].
فمن يعيش جاهلاً فسوف يموت ضالاً منحرفاً عن الصراط المستقيم، ولن يصل إلى الغاية والكمال والسعادة ! و إذا فُسّر الكتاب و حُمل على الوجه الذي أنزل كما فسّره لهم الإمام علي × فإنّهم لا يقبلونه ولا يأخذون به بل يعتقدونه فاسداً و يطرحونه بجهلهم!
أمّا إذا حُرّف الكتاب عن مواضعه و مقاصده، و نزل على حسب أغراضهم و أهوائهم و مقاصدهم، فإنّهم يشرونه و لو بأغلى الأثمان، وكان أنفق سلعة بينهم!
و(المعروف) إذا خالف أغراضهم و أهوائهم فإنّهم يطرحونه ولا يأخذون به، بل يصير عندهم منكراً يستقبحون فعله!
و(المنكر) الذي يتوافق مع أغراضهم يأخذون به حتى يصيرعندهم معروفاً يفتخرون بفعله !!
غرهم الشيطان و النفس الأمّارة بالسوء !
الخوارج… القشرية في فهم الدين و النظرة الضيقة و المعوجّة للحياة مضافاً إلى العصبية و الغرور و الكبر و الحمية و الاغترار و الاعتزاز.
يعيشون الجهل العلمي والجهالة العملية: فهم أذنٌ صاغية للأكاذيب و الألاعيب الشيطانية: فتارة يقعون في مكيدة المصحف العاصية و أخرى يرتمون في وحل الأموال الأموية !
و الأعجب من كل ما تقدم: أنّهم لا يرضون بأن يعيشوا الجهل و الجهالة و الضلال و الغواية في حياتهم الشخصية فحسب، بل يصرّون على جبر الآخرين بأن يسيروا كما ساروا و يعيشوا كما عاشوا ؛ فقد أعترضوا على أمير المؤمنين ×و حاربوه لأجل ذلك -أن يسير في ركابهم و يمشي خلفهم و يطيع أمرهم !!-.
و هكذا الجهل وخساسة النفس و ما تفعلان في صاحبها، بل وهن يعيش قريباً ممن ابتلي بهما !!
((وَ قَالَ الإمام علي × وَ قَدْ مَرَّ بِقَتْلَى الْخَوَارِجِ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ: بُؤْساً لَكُمْ لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ غَرَّهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: الشَّيْطَانُ الْمُضِلُّ وَ الْأَنْفُسُ [النَّفْسُ] الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ، غَرَّتْهُمْ بِالْأَمَانِيِّ وَ فَسَحَتْ لَهُمْ بِالْمَعَاصِي [فِي الْمَعَاصِي] وَ وَعَدَتْهُمُ الْإِظْهَارَ فَاقْتَحَمَتْ بِهِمُ النَّار))[28]
فما كان قتالهم و تقديم دمائهم من أجل الدين و رفع راية الإسلام، بل لأجل الدنيا؛ فالأماني بالغلبة والقهر و الانتصار؛ و من ثم الحصول على الرئاسة و الجاه، كان الدافع لقيامهم والأماني هي هي تفسح لهم في ارتكاب المعاصي و تحلل لهم الحرام و تجرؤهم على اقتحام المحظورات و تزين لهم القبائح و الموبقات!
ونتيجة هذه الأماني ان تقحموا في النيران ؛ بعد ان نغصوا الحياة على الأبرار !
نصبوا الناس أشراكاً من حبائل غرور !
و الخوارج، قد حسبوا أنفسهم علماءاً و سائر الناس جُهّالاً، وتوهموا أنّهم مع القرآن وباقي الخلق ضدّه، و تخيلوا أنّهم مع الحق في إيقاف الحرب بعد أن رُفعت المصاحف و غيرهم على باطل.
و هكذا كانوا : هم فقط و غيرهم لا ! فلا هم يفهمون و يعون و لا يريدون أن يفهموا و يعوا، بل هم غير قادرين على فهم ووعي ما حولهم من الأساس!
و هم في كل يوم في ظلمة ومع كل ابتلاء في فتنة، يسيرون فيتعثرون و يقعون فلا يتمكنون من النهوض و القيام ! و مع كل ذلك لا يكتفون إلا بأن تقبلهم الأمة و تسمع لهم، بل لابد أن تسير خلفهم وتتابعهم في جهلهم و جهالاتهم و ضلالهم و تخبطهم !!
يقول الإمام علي ×: ((وَ آخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً وَ لَيْسَ بِهِ فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وَ أَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ وَ نَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وَ قَوْلِ زُورٍ قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَى آرَائِهِ وَ عَطَفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوَائِهِ يُؤْمِنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ وَ يُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرَائِمِ.
يَقُولُ: أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ، وَ فِيهَا وَقَعَ! وَ يَقُولُ: أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ، وَ بَيْنَهَا اضْطَجَعَ!
فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ وَ الْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى فَيَتَّبِعَهُ وَ لَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْهُ وَ ذَلِكَ مَيِّتُ الْأَحْيَاء))[29]
فهم قد يتسمّون و يدّعون شيئاً ولكن واقعهم وحقيقتهم في الجهة المقابلة والمناقضة لما يدعون!
فهم لم يقتبسوا علماً و لا اهتدوا طريقاً، وإنّما اقتبسووا جهلاً وسادوا ضُلّالاً! و لم يرضوا بأن ضلوا بل أصروا على أن يضلوا فنصبوا أشراكهم على طريق السائرين للكمال، يقطعون الطريق عليهم ويأخذونهم في ظلماتهم !
يدعون الناس بأن يرجعوا للقرآن، لا لأجل أن يسيرا في هديه بل لأنهم سيتمكنون و من خلال القرآن -و بعد أن حملوا آرائهم عليه و فسروه بأهوائهم – أن يحرفوا الناس و يجعلونهم يسيرون خلفهم.
فهم حملة القرآن ومفسروه ! يقولون: نقف عند الشبهات و لا نقدم عليها، ولكنّهم يقعون فيها لجهلهم بمواقع الشبهة و غيرها ! ويقولون : نعتزلُ كل ما يخالف قوانين الشرع، والحال أنّهم متورطون فيها لجهلهم بأصول الشريعة!
و هذا هو حالهم، لا يعرفون بجهلهم قانون الهداية إلى طريق الحق فيسلكونه ولا وجه دخول الباطل فيعرضون عنه!
يعيشون جهلاً مركباً و جهالة مظلمة؛ لأّن الحياة الحقيقية هي حياة النفس باستكمال الفضائل التي هي بسبب السعادة الباقية، والجهل المركب الذي يعيشونه هو الموت المضاد لتلك الحياة، فالجاهل بالحقيقة ميّت ! وهو ميت الأحياء: فلأنه في صورة الحي ![30]
عاشوا أمواتاً و أماتوا أحياءً !
و تبقى الدنيا السبب الرئيس لشقاء مثل هؤلاء و عنائهم، فبحبّها وبالانغماس في لذائذها والاعراض عمّا سواها، جعلهم يقفون في مقابل الحق ويحاربون إمام الحق !
و الدنيا تتلون بما يروق لطالبها: فهي قد تلونت لـ(الخوارج) بالعبادة و قيام الليل وتلاوة القرآن ! تلونت لـ(الخوارج) بالدّعوة للوحدة و لمّ شمل المسلمين و عدم التناحر و الاقتتال و سفك الدماء، كما فعلوا في صفين!
و هكذا تتلون الدنيا قتغمسهم في الأكاذيب و تعميهم بالأضاليل، و تأخذهم من وادٍ مظلمٍ إلى آخر سحيق! و هكذا أنِسَ (الخوارج) بالدّنيا: فشربوا من كدر حطامها ووحل زخارفها و هم معجبون بها ومستقرين في أحابيلها !
حتى تمادوا في غيّهم و تجاوزوا حدودهم بعد أن عميت أبصارهم وأظلمت و قست قلوبهم: فهدّدوا علياً × ثم حاربوه ثم قتلوه !
إنّها الدنيا و فعالها وماتصنع في من يحبّها ويقدمها على ما سواها: فهي تُهلك من لا يعرفها وتقتل من لايفقهها، و تجهز على طالبها و المغتر بها!
وهكذا قتلت الدنيا (الخوارج) وأردت أرواحهم إلى سواء الجحيم، لكن بعد أن فضخوا رأس أمير المؤمنين × !!
يقول الإمام علي × و هو يصف الدنيا و ما تفعله في أحبائها و المنخدعين بها : ((فَإِنَّ الدُّنْيَا رَنِقٌ[31] مَشْرَبُهَا رَدِغٌ[32] مَشْرَعُهَا يُونِقُ مَنْظَرُهَا وَ يُوبِقُ[33] مَخْبَرُهَا غُرُورٌ حَائِلٌ[34] وَ ضَوْءٌ آفِلٌ وَ ظِلٌّ زَائِلٌ وَ سِنَادٌ مَائِلٌ، حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا وَ اطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا وَ قَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا وَ أَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا وَ أَعْلَقَتِ الْمَرْءَ أَوْهَاقَ الْمَنِيَّةِ قَائِدَةً لَهُ إِلَى ضَنْكِ الْمَضْجَعِ وَ وَحْشَةِ الْمَرْجِعِ وَ مُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ وَ ثَوَابِ الْعَمَلِ.
وَ كَذَلِكَ الْخَلَفُ بِعَقْبِ السَّلَفِ لَا تُقْلِعُ الْمَنِيَّةُ اخْتِرَاماً [35]وَ لَا يَرْعَوِي الْبَاقُونَ اجْتِرَاماً[36] يَحْتَذُونَ مِثَالًا وَ يَمْضُونَ أَرْسَالًا إِلَى غَايَةِ الِانْتِهَاءِ وَ صَيُّورِ الْفَنَاء))[37]
خطر القشريين على المجتمعات !
و لا يخلو أي مجتمع من أمثال هؤلاء القشريين الجهلة: الذين يقصمون ظهور المصلحين بتنسكهم الجاهل، و يشغلون أفكار الناس ويرهقونهم بضعف عقولهم وخواء آرائهم وعمش بصائرهم !
هذا مضافاً لإتصافهم برذائل الأخلاق و قسوة الطباع من تعصب و عناء و لجاج! فهم في صفوف المصلين يدعون للفحشاء و المنكر!
و ممن يقومون الليل و يتهجدون في الأسحار، و كان ذلك سبب هلاكهم!
ويُعدّون من أهل الورع والاجتهاد والزهد، والحال أنّهم في الدنيا منغمسين وخلف شهواتها لاهثين، بل فاقوا حتى الذين هم في القصرو ساكنين !
فهي الدنيا، وقد تلوّنت لهم بهذا اللباس: حيث تخلوا عن الأكل و الشراب و جميع الثروات، إلا أّنهم ابتلوا بالاعتداء على النفس وعبادة الذات و العجب والرياء والتظاهر بالقداسة و الصلاح!
و هكذا ملكت الدنيا قلوبهم و افرغتها من حب خالقهم (حب الله)، فصاروا من أبناء الدنيا و هم لا يشعرون!
داعش … خوارج هذا الزمان
تمهيد …
إنّ الأمة الإسلامية قد تواجه ( عدواً خارجياً )، يهدد وجودها و يزعزع أمنها ويسعى لسلب ثرواتها واحتلال بلادها، فتعدّ الأمّة العدّة والعتاد لقتاله وتمنعه من الوصول إلى مناله.
وهذه حربٌ ظاهرة المعالم ، بيّنة الأهداف ، مكشوفة الأعداء!
و قد تواجه الأمّة الإسلامية عدواً أخفى و أخطر من ذلك العدو الخارجي، إنّه (العدو الداخلي) الذي زُرع – ككيان غريب – في وسط الأمة، وأُلحق به بعض الغرباء اللقطاء ممن جيء بهم من مختلف الدول والبلدان!
فهم يرفعون راية الإسلام، و يدّعون للخلافة وحكومة الملك الدّيان، و الحال أنّ الذي أنشأهم و من ثم تكفل بتربينهم هم أعداء الإسلام و العدو الخارجي لأمة القرآن!
فماذا سيحمل اللقيط وبم سيفكر العميل، ما هي أهداف الأجير؟
إنّها الحربٌ على الإسلام باسم الإسلام، و تحقيق لأهداف الشيطان على عباد الرحمن، والتفكير بالقضاء على الأوطان امتثالاً لما يمليه عليهم عبدة الأوثان!
وأمريكا (الشّيطان الأكبر) ومن عاضدها من دول الاستكبار العالمي، هم أعداء الشعوب، وأساس الحروب، وموقدوا الفتن من أجل دنياهم الغرور!
فهم يسعون للهيمنة على مقدّرات البشرية، و بالأخص الدول الإسلامية الغنيّة، لا يهدؤون ولا يفترون، ويختلقون الأكاذيب ويشغلون الحروب، و يهدفون من كل ذلك تحقيق أطماعهم وتحصيل آمالهم، ولو سيراً على جثت الأطفال وجماجم النساء و برك الدماء!
و الاستكبار العالمي و على رأسهم الأمريكان و الصهاينة عندما وجدوا الممانعة من بعض الدول الإسلامية، وفي مقدمتهم الجمهورية الإسلامية: حيث لم تقبل بالدنية، ولا الركوع و الخضوع وطاعة شر البريّة، بل اختارت الحياة العزيزة الأبية.
و بعد أن وجد نفسه – الاستكبار العالمي – ضعيفاً عن المواجهة وجهاً لوجه في الحروب العسكرية، وبعد تلك الضربات القوية التي لاقاها من أبناء المدرسة الكربلائية العاشورية في أفغانستان والعراق و وسوريا و لبنان الأبية !
عندها فكّر بأسلوبٍ آخر في المواجهة الفكرية و العسكرية: حيث رجع إلى التاريخ الإسلامي في أول بداياته، و فتش في نقاط قوته و ضعفه، وسلّط نظره إلى أعدى أعدائه، فلم يجد – لتحقيق أهدافه – أفضل من متحجري العقول و قساة القلوب !
فأخرج (الخوارج) – و فكره الرجعي التكفيري القشري – من طي النسيان و جعله واقعاً يعيث فساداً في الأوطان؛ فربّى أمثال (ابن لادن) و (الزرقاوي) و (البغدادي) ، و القائمة تطول و تطول !
و إنشأ الكيانات الغريبة اللقيطة و زرعتها في قلب العالم الإسلامي: فبالأمس كانت (القاعدة) و اليوم (داعش) و غداً … ؟! و إن غداً لناظره لقريب !!
و على الأمة الإسلامية جمعاء: أن تعي الأعداء، ما كان منها خارجياً أو داخلياً ظاهراً أو خفياً، فتعد نفسها للمواجهة و لا تقبل منهم بالمهادنة … ! و إن اختلف الأعداء في اللباس و الفعال و لحن الخطاب ! فهم أعداءٌ و سيبقون أعداءاً !!
حربٌ ناعمة و أخرى عسكرية!
و الاستكبار العالمي ينتخب الحرب المناسبة لتحقيق أهدافه؛ فتارة تكون (الحرب العسكرية) : يستعمل فيها أنواع السلاح و يرتكب فيها أفضع الجرائم على الأنام، كما فعلوا بالأمس في اليابان و فيتنام، واليوم في أفغانستان والعراق وسوريا وجنوب لبنان، بحجة الدفاع عن النفس وبذريعة القضاء على الإرهاب!
و تارة تكون الحرب ناعمة، هادئة، ومن غير جلبة ولا ضوضاء: حيث الاستحواذ على الفريسة بأخفى مكيدة، وأدهى حيلة!
ومن خلال بسطاء العقول ومرضى النفوس الذين يجعلهم العدو عوناً له على إخوتهم و أهل دينهم ووطنهم!
إنّها حرب – بما تحمله كلمة الحرب من معاني الدمار و الفساد و سفك الدماء و …. – تبدأ باختراق الفكر و العقيدة، وصياغة نهج ورؤية إنحرافية: تقضي على الإسلام باسم الإسلام، وتذبح المسلم بيد أخيه المسلم، و تجعل الشعوب أسيرة للتهجّر والاغتراب و العيش تحت الانقاض لهثاً وراء سراب من الحطام!
إنّه (الإسلام الأمريكي) الذي يجعلك تقتل نفسك بنفسك، وتمكّن عدوك من احتزاز رقبتك، وتسفك دمك بثروات بلدك!
و هكذا بدأ المسلسل الإجرامي لـ(الاستكبار العالمي) : حيث أولدوا هذا اللقيط السلفي والمنهج التكفيري والإسلام الأمريكي، فرسسموا كل معالمه و أكملوا جميع أحابيله و مخططاته … ثم زرعوه في وسط العالم الإسلامي، و سمّوه بمختلف التسميات، وها هم اليوم بجنون ثمار تلك الشجرة الخبيثة؛ فما من بلد إسلامي إلا وهذه الجرثومة تمرض ساكينها و تذيقهم مرّ مآسيها !
و هكذا أراد (الاستكبار العالمي) أن لا تهنأ هذه الدول الإسلامية بأمن و لا أمان، فكان أفضل عونٍ لهم لتحقييق شيطنتهم: هم هؤلاء الخوارج … عبدة الشيطان!
داعش و خيوط المؤامؤة !
إنّ (الاستكبار العالمي) هو الذي صنع هذا الوجود اللقيط، وهو الذي انتخب مناهج عمله، واختار رجالاته، و خطّط لأفعاله !
وعليه: فمن المنطقي أن لا تحيد (داعش) عن تنفيذ ما يُملى عليها، ولا تحجم عن فعل ما يُطلب منها، خصوصاً في الخطوط العريضة و الأهداف المحورية، الذي لا يضر- بعد أدائها – من تجاوز يحصل هنا أو زيغ يحصل هناك و (الاستكبار العالمي) – و على رأسهم أمريكا – هم من يحدد الوقت المناسب والمكان اللازم لعمل القاعدة و داعش، فلا إرادة حرّة و لا استقلالية – لا في المنطلقات و لا في المسير و لا في الأهداف – لمثل هؤلاء الخوارج، بل هم تبع لهم و طوع لأمرهم !
و إن أراد (الاستكبار العالمي) أن يصوّر للعالم: أنه لا علاقة له بهم ، بل أنّه يقوم بمحاربتهم ويسعى للقضاء عليهم ، كما يرفعون مثل هذه الشعارات اليوم: حيث أحرقوا البلدان بحجة القضاء على الإرهاب !
فحتى يحقق الاستكبار أهدافه ويصل إلى مناله: لا بُدّ له أن يتبرأ من هؤلاء الخوارج، بل ويعمل على محاربتهم ظاهراً، و لكن بنحوٍ يقوّي وجودهم و يزيد من انتشارهم!
داعش و استنزاف الأمة !
و (الاستكبار العالمي) يحارب على أكثر من جبهة، ويسعى لتحقيق أكثر من هدف: فأعلى أهدافه هو أن يسيطر على كل مقدرات الشعوب، وأن تكون كل الأمم خادمة لمصالحه و مطيعة لأمره !
و هناك أهداف أقل رتبة من ذاك، و هي تسير في نفس مساره و تحطّ برحهلها في الختام عنده: كإيجاد الاضطراب و الحروب في البلدان والأوطان: فمع الحروب لا عمار ولا تنمية ولا بناء، ولا استثمار للعقول ولا تقدم ولا تفكير بتسلق القمم و الجبال!
وبإيجاد الحروب بين الدول و تفرقها واشتغالها ببعضها البعض يتمكن الأعداء من السيادة و الزعامة، كما قالوا : ” فرّق تسُد ” !
فـ (الاستكبار العالمي) لمّا وجد شدة بأس هذه الأمّة، بعد أن استيقظت من رقدتها وأفاقت من غفلتها، وبثت فيها روح الإباء ببركة (روح الله).
و بعد أن خاض الاستكبار بنفسه بعض الحروب، و مُني بالفشل و الهزيمة النكراء، كما حصل ذلك في أفغانستان والعراق، وبعد النصر المؤزر لأبناء (روح الله) في حرب تموز في جنوب لبنان! فإنّه لم يجد بداً و لا حيلة من توجيه (الخوارج) للقضاء على الإسلام !
و هذه المرة انتهج خطة (الاستنزاف): حيث يُشغل العالم الإسلامي بحروب طاحنة داخلية: بتمويل سعودي خليجي، وتخطيط أمريكي صهيوني على كل دول الإسلام ، فتضعف كل الأطراف الإسلامية المتقاتلة -من كان على حق أو باطل – و تكون السيادة بعدها لأعداء الإسلام! و العدو ينظر و يتفرج: فلا المال ماله و لا الوطن وطنه و لا الشعب شعبه ! فليحترق الجميع !!
و الاستكبار ينتظر الفرصة للانقضاض !
و بعد كل هذه الحروب الطاحنة، والدماء القانية، و الذهاب بمقدرات الأمة في حروب عابثة خائنة، وبعد انهاك رجالها، وذبح نسائها وأطفالها، وبعد كل هذه الاستنزافات و الجراحات للأمة الإسلامية الواحدة، يأتي (العدو) لينقضّ على فريسته المنهكة، فيوثقها و يقضي عليها!
و العدو هذه المرة لن يأتي باسم الاحتلال أو الانتداب، بل سيأتي باسم إحلال السلام و نزع فتيل النزاع و غيرها من المسميات!
و في نهاية المطاف و بعد كل هذا النزف في كيان الأمة الإسلاميّة: فإنّه سيضّطر (أهل الحق) أن لا يقاوموا و يتريثوا قليلاً، حتى تضمد الجراح و توقف نزف الدماء، مع أنّهم يرون كيف أن العدو يبسط نفوذه وسيادته على مقدرات الأمة! و لكن لا حول لهم و لا قوة بعد ان استُنزفوا بحرب العملاء و خوارج هذا الزمان !
لا خيار مع داعش إلا الحرب !
فداعش خوارج هذا الزمان، وعملاء الامريكان، وألعوبة الصهاينة الجبناء … ، لا يمكن للأمة الإسلامية أن تقبلهم و تعلن الصلح معهم ؛ فهو وجود فاسد مُفسد، و ضال مُضل، و غُدّة سرطانية لا بُدّ من اجتثاثها و التخلّص منها!
فهذا الوجود اللقيط ما أُنشأ و ما رُبّي و ما جيء به و زرع في العالم الإسلامي إلا من أجل تمزيقه وتدميره، و من ثم السيطرة عليه من قبل أسياده !
فالحرب لا غير، و تطهير العباد والبلاد من أرجاسهم بأن يذاقوا سوء العذاب، و إزالة هذا الفكر الذي شوّه الإسلام و عاث في الأرض الفساد!
و الحرب معهم و إن كانت شرسة ضارية، إلا أنّه لا خيار للأمة الإسلامية إلا ذاك ! فالأمة الإسلامية : إمّا أن تقبل بهم، و هذا يعني قبولها للأسر و العبودية لهم و تسليم العباد و البلاد لأسيادهم! و إمّا أن ترفضهم و ترفع راية الحرب ضدهم، و تؤثر مصارع الكرام على طاعة اللئام … و هذا هو خيار الكرماء!
من الإمام علي عليه السلام إلى القائد علي !!
و ما أشبه اليوم بالبارحة ، و آخر الدنيا لاحقٌ بأولها، و بعضها يشبه بعضاً !
فبالأمس لم يجد أعداء الإسلام – و على رأسهم حامل راية الكفر و النفاق معاوية و مستشاره ابن العاص – طريق لتقويض حكومة الإمام علي × و زلزلة دولته و زعزعة خلافته خصوصاً بعد ما فشلوا في حرب صفين ، إلا تحريك هذا العدو الخبيث … الخوارج !
فقد كاد الأمير × أن ينتصر في معركة صفين ويقضي على الكافرين القاسطين، فما كان بين مالك الأشتر و القضاء على رأس المنافقين معاوية إلا فواق ناقة، لو امهلوه قليلاً !
نعم، ما أمهلوه حيث حرّكوا العدو الداخلي و راهنوا على هذه الورقة لمثل هذه الورطة ! فكان رفع المصاحف، وكان ابن النابغة يعلم بأن كيده سيفلح و خداعه سينجح؛ لأنّ سمّها الزعاف سينخر في جيش الإمام × سواء أجمع الناس أم وقع بينهم الخلاف!
و هذا ما حصل، فمع أن (الخوارج) لا يمثّلون الأكثرية، إلا أن الظرف الخانق ووجود العدو الظاهر ووجود مثل هؤلاء البسطاء القشريين، مضافاً للمنافقين الذين باعوا الذمم، و غيرها الكثر !
فإن كلمة (الخوارج) صارت هي الماضية، وبالدّقة : فإن مَن وضع الخطة و حرّك الخوارج و دبر لحيلة رفع المصاحف هو المطاعة كلمته و النافذة أرادته!
و هل انتهت فتنة الخوارج بعد حيلة رفع المصاحف؟
كلا، بل ما كانت خدعة المصاحف إلا الشرارة لبدأ حراك الخوارج، فمنها بدؤوا، وهم سائرون إلى حربٍ دامية ضد الإمام × في معركة النهروان، ولم تقف حتى فضخت هامة الإسلام في محراب الصلاة!
ففتنة الخوارج استنزفت دولة الإمام × قبل أن يحاربوه و بعد ما حاربوه، فقد كانوا نعم العون لأعداء الإسلام على دولة الإسلام باسم الإسلام !!
و القصّة بنفسها تعاد حكايتها اليوم: فبالأمس الإمام × واليوم القائد علي .
وبالأمس معاوية واليوم أمريكا، وبالأمس الخوارج و اليوم القاعدة و داعش !
فبعد أن انهزم الامريكان، و رأوا شدة بأس أهل الإسلام: فمن النصر المؤزر لحرب تموز 2006 إلى الهزيمة النكراء لهم في العراق عام 2013 ، و غيرها من البطولات التي سطّرها عصائب أهل الحق و حزب الله و أنصار الله، والشبح المخيف للقائد الحاج قاسم سليماني، فإنّ الامريكان لم يجدوا من يعينهم على حرب الإسلام و القضاء عليه غير القاعدة و داعش … خوارج هذ الزمان !
إنّها نفس الحكاية، والتاريخ يعيد نفسه، و إن اختلفت رجالاته؛ فالذي يقف اليوم سدّاً منيعاً ضد أطماع (الاستكبار العالمي) هو حلف الممانعة الذي تقوده الجمهورية المباركة!
والأعداء يدركون بأنّهم لن يقدروا اليوم على هزيمة القائد علي إلا كما قدر سلفهم الطالح على فضخ هامة الإمام علي ×، وأنّى لهم أدراك ذلك!!
إنّها القاعدة و داعش، خوارج هذا الزمان! فبنفس الحرب و بنفس المنهج و الاسلوب يسير الخلف لتبع السلف!
نعم ، إنّها نفس القصة و الحكاية، يعيدها الاستكبار العالمي مرة ثانية: فالتاريخ يحكي أنّه ما إن قام الإمام علي × و انشأ دولته الفتيّة – هذه الدولة التي بثت الأمل مرة ثانية إلى الأمة الإسلامية ، بعد الضياع الذي حلّ عليها 25 عاماً – حتى تحرّك الأعداء و انقضّوا عليه من كل جانب يحاربونه صبحاً و عشياً، فمن الناكثين وحرب الجمل، و إلى صفين ضد الحزب الأموي المنافق، و انتهاءاً بحرب النهروان مع الخوارج !
نعم ، لم يتركوا علياً × و شأنه بل شغلوه بالحروب الدامية و الغارات الخائنة و الفتن المظلمة … !
هكذا خطط الاستكبار الأموي و هكذا دبّر من أجل تفريق الأمة عن الإمام علي × !
و بمثل هذه المكائد وصلوا، حتى خضبوا شيبته بدم رأسه! وبمثل هذه الأحداث تجري وقائع الأيام في مثل هذا الزمان؛ فما إن قامت دولة القائد علي ، هذه الدولة الإيمانية التي بثت الأمل في كل الشعوب المستضعفة و المحرومة، بعد ضياع لحق بالامة دام عدّة قرون – حتى حرّك الاستكبار العالمي كل جنوده، و لعب بكل أوراقه من أجل أن يقضي على دولته و تخلو الساحة له !
فالاستكبار العالمي هو وراء تحريك الحروب الداخلية التي كانت تدعو للانفصال و قيام دولة عربية وأخرى كردية و … !
و الاستكبار العالمي هو الذي أمر صدام العفلقي وحزبه الكافر أن يشن الحرب على دولة الإسلام، هذه الحرب التي استمرت 8 أعوام ، و سفك فيها شلال الدماء !
و الاستكبار العالمي هو الذي يحرك القاعدة و داعش – خوارج هذا الزمان – اليوم ضد الإسلام والمسلمين، و من أجل القضاء على الدولة الإسلامية المباركة، و الذي بزوالها ستذهب شوكة المسلمين، بل سيزول الدين الأصيل و يحل محله دين الكافرين !
و الاستكبار العالمي سيأتي بعد كل هذه الجراحات التي حلّت بالأمة، و بعد نزف الدماء و دمار الأوطان، و تشرد النساء والرضعان، سيأتي بعد كل هذه الحروب التي ما أبقت حجراً على حجر و دمرت كل مدر، سيأتي و سينقضّ على دول الإسلام و يلتهمها أيما التهام !
هكذا يأملون ، كما حصل في زمان الإمام علي ×: حيث جاء معاوية – رأس الاستكبار الأموي – و استولى على الأمة الإسلامية بعد أن استنزف دولة الإمام الفتية !
فلا خيار لأمّة الإسلام إلا بأن تثبت و تصمد في سوح النزال، وعليها أن تبصر الأعداء و تكشف المؤامرات وتُحسن الاصطفاف، فلا تنخدع بالأسماء والمسميات: كخادم الحرمين وتنظيم دولة الإسلام و … ، وتُرسل ببصرها إلى ما وراء هؤلاء الأقزام: لتعرف من يحرك الحروب في الخفاء! ولتدرك أنّهم قد اجتمعوا اليوم كما اجتمعوا بالأمس ضد الإمام علي ×؛ فقد تحالف اليهود و النصارى و الكفار و المنافقون عليه!
وهكذا اليوم: فإنّ الكفّار واليهود الصهاينة ومعهم رأس النفاق الدعية السعودية، قد وقفوا ضد الإسلام، ووجهوا سهامهم و حرابهم ضد قائد الإسلام، رافع راية المستضعفين، الممهّد لدولة خاتم الأئمة الميامين w.
و إذا بالأمس قد خُذل الإمام ×، فلا ينبغي اليوم أن يُخذل القائد علي؛ فإنه عزّ الأمّة اليوم، وحاضرها ومستقبلها، متوقف على مدى إظهار النّصرة والولاء وتقديم التضحية والفداء لمثل هذه الراية التي ارتفعت فرفعت أبناء الإسلام!
فإن سقطت أو ضعفت: فإنّ الأمّة الإسلامية سترجع مرة أخرى إلى ذلك الظلام، وستصبح شعوب الإسلام أذل الشعوب بين الأنام!
و هذا ما لا يقبله أبناء الإسلام الكرماء! فارفع الراية عالياً و اجعلها خفاقة في السماء عالية .. و سِر يا ابن الأطايب الأنجبين ، و سليل آل الرسول Q الميامين، و خذ بيعة منّي ومن أبناء شعبي، و عهداً إلى أبد الآبدين، أنّا لن نُسلمك و لن نخذلك و لو ذهبنا بأطفالنا و نسائنا قرابين !
تقدم … فالنصر حليفك، و الله معينك، و الأمّة من خلفك !
تقدم … و لا تضع هذه الراية إلى في يد صاحبها، يوم يقوم فيملأ الدنيا قسطاً و عدلاً … و نحن نقول الحمدلله رب العالمين!
[1] القصص: 83
[2] الزِبْرِجُ: الزينة من وشي أو جوهر.
[3] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 49
الخطبة (3) و من خطبة له ع و هي المعروفة بالشقشقية و تشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له!
[4] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 88.
الخطبة (50) و من كلام له ع و فيه بيان لما يخرب العالم به من الفتن و بيان هذه الفتن
[5] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 507 – الحكمة (215).
[6] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 524 – الحكمة (281).
[7] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 103
الخطبة (75) و من كلام له ع لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان
[8] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 47
الخطبة (83) وَ مِنْهَا [فِي الْمُنَافِقِينَ] يَعْنِي قَوْماً آخَرِين
[9] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 249.
الخطبة (173) و من خطبة له × في رسول اللّه ’ و من هو جدير بأن يكون للخلافة و في هوان الدنيا.
[10] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 336.
الخطبة (218) و من كلام له × في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه.
[11] الكافي (ط – الإسلامية)، ج2، ص: 131
[12] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 244.
الخطبة (169) و من خطبة له × عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة.
[13] حَبيس: فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر و المؤنث، و أم المؤمنين كانت محبوسة لرسول اللَّه لا يجوز لأحد أن يمسها بعده كأنها في حياته.
[14] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 247.
الخطبة (172) و من خطبة له ×.
[15] قال أبو الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة : ((قد تقدم منا ذكر ما عتب به طلحة و الزبير على أمير المؤمنين × و أنهما قالا ما نراه يستشيرنا في أمر و لا يفاوضنا في رأي و يقطع الأمر دوننا و يستبد بالحكم عنا و كانا يرجوان غير ذلك و أراد طلحة أن يوليه البصرة و أراد الزبير أن يوليه الكوفة فلما شاهدا صلابته في الدين و قوته في العزم و هجره الادهان و المراقبة و رفضه المدالسة و المواربة و سلوكه في جميع مسالكه منهج الكتاب و السنة و قد كانا يعلمان ذلك قديما من طبعه و سجيته [….]حالا عنه و تنكرا له و وقعا فيه و عاباه و غمصاه ” تهاونا بحقه” و تطلبا له العلل و التأويلات و تنقما عليه الاستبداد و ترك المشاورة و انتقلا من ذلك إلى الوقيعة فيه..)) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج11، ص: 10
[16] الضّبّ: بالفتح و يكسر: الحقد.
[17] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 206
الخطبة (148) و من كلام له × في ذكر أهل البصرة
[18] رسالة الخواص، ص: 91 .
[19] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 415.
الكتاب (43) و من كتاب له × إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني و هو عامله على أردشيرخرة
[20] أقْرِبْ بهم: ما أقربهم من الجهل.
[21] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 259.
الخطبة (180) و من خطبة له × في ذم العاصين من أصحابه
[22] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 318.
الخطبة (200) و من كلام له × في معاوية
[23] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 246.
الخطبة (172) و من خطبة له ×.
[24] الأوَد: الاعوجاج.
[25] حَدَجُوا: خلطوا.
[26] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 231.
الخطبة (162) و من كلام له ع لبعض أصحابه و قد سأله: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام و أنتم أحق به.
[27] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 60
الخطبة (17) و من كلام له ع في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة و ليس لذلك بأهل.
[28] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 532
[29]نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 119.
الخطبة (87 ) و من خطبة له ع و هي في بيان صفات المتقين و صفات الفساق و التنبيه إلى مكان العترة الطيبة و الظن الخاطئ لبعض الناس
[30] انظر : شرح نهج البلاغة ( البحراني ) ( ج2 ، ص:350 )
[31] دَنِقٌ:- كفرح-: كدر.
[32] رَدِغٌ: كثير الطين و الوحل- و المشرع: مورد الشاربة للشرب.
[33] يُوبِقُ: يهلك.
[34] حائِل: اسم فاعل من «حال» إذا تحوّل و انتقل.
[35] أي لا تكفّ المنية عن اخترامها، أي: استئصالها للأحياء.
[36] الاجترام: افتعال من الجرم، أي اقتراف السيئات.
[37] نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 108.
خطبة (83) و من خطبة له × وهي الخطبة العجيبة تسمى «الغراء»