الشيخ زهير عاشور: على شعب البحرين أن يحسم مصيره
كلمة الشيخ زهير عاشور في جلسة تدشين مجموعة من كتبه التي ألفها من داخل السجن
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّ الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، السلام عليكم أيها المؤمنون المجاهدون ورحمة الله وبركاته.
عامٌ تاسعٌ والأغلالُ في يديّ تحزُّ معصميّ، والأصفاد في رجليّ ترضُّ ساقي، تارة أسلِّيها وأخرى تسلِّيني، أمسح جرحاً نازفاً وأسكِّنُ قلباً متألماً، وأحتضن أسارى نبتت كأشجارٍ بريّة في سجون طاغوتيّة، وقصة سجني لا تختلف عن قصة هذا الشعب الجريح، فالبحرين سجن كبير لشعب أسير.
هناك سياساتٌ ممنهجةٌ لتقاريرٍ بندريّةٍ وأحوالٍ شخصيّةٍ وأطروحاتٍ علمانيّةٍ وتعدّد دينيّة ودعوة لدولة مدنيّة، وكلُّها خططٌ شيطانيّةٌ من أجل إطفاء نور الطائفة الشيعيّة، فنحن نواجه حرباً في الهويّة تستهدف..
أولاً: القضاء على أبناء هذا الشعب من خلال استبداله بشعوب أخرى،
وثانياً: القضاء على دينه بإطفاء نور التشيُّع من هذا البلد أو تحريفه بتشويه معالمه.
وعلى شعب البحرين أن يحسم مصيره، فهل يريد أن يعيش ذليلاً خانعاً قابلاً بحاكميّة الطغاة، جالساً على طاولة المفاوضات، قابلاً بكل ما يُلقى عليه من فتات، أو يريد أن يعيش كأمَّة حزب الله رافضاً لأيّ عدوانٍ، عزيزاً في الأوطان، غير قابلٍ لهذا النّظام؛ وهذا هو الخيار الذي اخترناه، لن نحيد عنه بإذن الله، فالموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين.
يقول الشهيد الحاج قاسم سليمانيّ “رحمة الله عليه” هناك عاملان لانتصار أي أمة وهما: وجود القيادة الحكيمة والشّجاعة، ووجود أمَّة مستعدة للتضحية والشّهادة -انتهى كلامه-.
وفي هذا الزمان القيادة لوليّ الأمر “دام ظله”، وهناك قيادات مناطقيّة تتمثّل في قيادات محور المقاومة، وهناك شعوب مضحّية وعاشقة للشّهادة وبذلك تتم معادلة النّصر، ولكن قصة مسلم بن عقيل هي محنة الأمة في كل الأجيال، حيث يختلف معه الخواص أولاً، ويخذله العوام ثانياً، فالحذر كلّ الحذر، وشعب البحرين من الشعوب المبتلاة وهذا مدعاة للسّكينة والاطمئنان لا للتّزلزل والاضطراب فما دام الشّعب على الصّراط ويسير على خطى الإسلام ملتزماً بخطّ الإمام مؤتمّاً بالقائد الهمام، فلا خوف عليه بإذن الواحد الديّان. نعم، لابدّ أن نعدّ العدّة ونستعدّ لأنواع بلاء الظلمة فأيّ ضعف في أي جبهة فسوف يكون منفذاً للأعداء الظّلمة.
أحبتي: هذا القلم الذي يخطّ في وسط السّجن كلّفني وما زال يكلّفني الكثير، والذي يجعلني أصرُّ على هذا التكليف أنّي أرجو أن توصلني هذه الكتابات إلى وسط الحبيب، فألقى الله تعالى جامعاً بين مداد العلماء ودماء الشّهداء وأرجو أن تدعو لي بذلك.
وأخيراً: أعذروني أخوتي، اصفحوا عن تجاسري وأقيلوا عثرة بياني وبناني، ولكن لابدّ أن أصارحكم: بأنّ العمل ثقيل وبإمكانكم أن تقوموا بأكثر مما قمتم وتقوموا به، فالإسلام في خطر وهويّة هذا الشّعب في خطر، وهذا يتطلّب أن تشحذوا هممكم وتبذلوا قصارى جهدكم.
أحبتي رصُّوا الصفوف، وتجاوزوا عن الخلافات، وحوموا حول القيادة، وكونوا جزءاً من محور المقاومة، وتابعوا أحوال شعبكم وحنّوا عليه، وأشفقوا عليه ولا تنسوا أنّه ينزف منذ أحد عشر عاماً، والله سائلكم عن كل ذلك يوم الحساب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صادر عن:
سماحة الشيخ زهير عاشور
15 مارس/آذار 2022