بين السقيفة وكربلاء

تمهید

خمسون عاما لا أكثر بين رحلة الرسول و مه که وبين ذبح حفيده وريحانته في أرض الطفوف بين السقيفة وكربلاء!

فهل من المصادفة أن يرتقي على منبر الرسول الله که يزيد الفسوق والفجور ابن معاوية الطليق ابن الطلقاء؟! أم أن الأمر قد تم الإعداد له من قبل الخليفة الثاني الذي من الوجود الأموي في الشام، ومن ثم قام بتثبيت أركانه وتشييد بنائه – في زمن الخليفة الثالث – عناصر كانت حاضرة على طول الخط «خط النفاق»؟! وكيف أن الأمور بلغت أقصى مداها حتى رفع رأس ابن بنت نبي الأمة على القناة يطاف به من بلد إلى بلد، وتسبى حريم الرسالة وتشتهر بها أمام الملأ.

وكل ذلك باسم الإسلام!! إنه الدرس الخالد الذي لابد للأمم والشعوب أن تعيه وتفقه جذوره ومساره ونتائجه، فالسقيفة قد تتكرر وعندها سنحتاج إلى كربلاء ثانية!!

الانقلاب على الأعقاب

اولا: ظهور حركة النفاق

رحل رسول الله و الله عن هذه الأمة، فجاءت الفتن كقطع الليل المظلم! فكان يوم رحيله و لله * هو يوم الإعلان عن بداية ظهور «حركة النفاق»، لتظهر هذه المرة بثوبها الجديد وبصورتها التبريرية الخادعة، اليهدم الإسلام باسم الإسلام!!

ظهرت حركة النفاق بأحزابها المختلفة لتجتمع هذه المرة تحت سقف واحد يوحدها أعداء الإسلام، وحرب أمير المؤمنين للا!!

ظهرت حركة النفاق لتقصي الإمام علي لانه من منصب القيادة والذي يعتبر أهم موقع في الحكومة الإسلامية، وليجعلوا محله من يؤمن مصالحهم ويمكنهم من خيرات الأمة والتسلط على رقابها في مستقبل الأيام.

« أما والله لقد تقمصها فلان وإنه ليله أن محلي منها محل القطب من التركي ينحدر عيني السيل ولا يرقى إلى الطفل دواؤب وطون عبا گشحا وطفقت أتي بنيت أن أول بيبي جاء أو أصبر على طخية عمياء هرم فيها الكبيژويي فيها الصغيژؤكد فيها مؤمن حتى يلقى ته ترجيح الصبر أي أن البرعلى هاتا أحجى فصبرت وفي العين قدي وفي الحلق شجا أری تراثي نبأ» نہج البلاغة

ثانيا: حركة النفاق و الاعتداء على أحكام الإسلام.

وذلك بالاعتداء على أحكام الإسلام: بحذف ما تمكنوا من محوه، وتحريف أكثر أحكامه، وتأويل محكمه بمتشابهه، حتى «لبس الإسلام لبس المقلوبة » نهج البلاغة خطبة ۱۰۸ |

رحيق كربلاء

حركة النفاق والعداء للإسلام

والإسلام واجه وما يزال يواجه أعداء متعددين، من كفار ویهود ونصارى ومشركين، إلا أن ما قام به المنافقون فاق كل أولئك الأعداء، وذلك لشدة المصائب التي أصابت الإسلام والمسلمين من كيدهم ومكرهم وأنواع دسائسهم.

حتى قال الله تعالى فيهم – محذرا منهم – «هم العدو فاحذرهم» وكأنه لا عدو إلا هم ولا عداوة مثل عداوتهم، فهم الكاملون في عداوتهم، البالغون في إضرارهم… وإن أعدى أعدائك من يعاديك وأنت تحسبه صديقك!”

بداية حركة النفاق

ذكر البعض أن «حركة النفاق» بدأت بدخول الإسلام المدينة المنورة، واستمرت إلى قرب وفاة النبي ، وبوفاته انتهت «حركة النفاق» وعليه: فلا وجود لها في مكة المكرمة ولا أثر لها بعد رحيله. .

ولكن الصحيح أن «حركة النفاق» بدأت مع بدء الإسلام في مكة المكرمة وتكونت قبل الهجرة، واستمرت إلى ما بعد رحلة النبي.

فهناك من دخل الإسلام نفاقا متحملا التهديدات، موققا نفسه في المخاطر، مصرا على مواجهة الأعداء لكن لا لأجل إيمانه الباطني بالإسلام، ولا لاعتقاده بحقانية هذا الدين، ولا رجاء منه الجنة والرضوان، بل من أجل أن يوفق يوما للحصول على الدنيا والتحكم بالأمة، والظفر بالمنصب والجاه، فقد تركوا الدنيا للدنيا، ولا شغل لهم بالأخرة والعقبى !!

وأمثال هؤلاء من المنافقين لا يقومون بتقليب الأمور ولا يتربصون الدوائر على الإسلام والمسلمين، ولا يسعون لإفساد المجتمع الديني، بل يقومون بأمور من شأنها تقوية المجتمع الديني ما أمكن ببذل المال والجاه و…

كل ذلك من أجل أن تنتظم الأمور وتتهيأ لهم ويستفيدوا منها في الأيام القادمة لمصالحهم الشخصية

الدنيوية!

نعم، قد يخالفون بعض الأحكام الشرعية التي قد تتضارب مع مصالحهم، أو تخالف أهوائهم وشهواتهم!

فيواجهونها أو يحرفونها بما يتناسب مع زيغهم ومطامعهم ونزواتهم! ولكنهم – على كل حال – يبقون متظاهرين بالتدين وعلى أنهم حفظة الدين وتعاليم الإسلام!

وبمثل هذا المنهج الشيطاني، تستقيم لهم الأمور.

« إنما به وقوع الفتي أهواء تتبع وخام بندغ يخالف فيها كتاب الله وتولى عليها رجال رجالا على غير دين الله » نہج البلاغة الخطبة .5

دوافع النفاق

إن هناك دوافع مختلفة ل «النفاق» ولكن هناك جامع ل «حركة النفاق» وهو طلب العلو في الأرض والفساد في العباد والبلاد، وهو مسبب عن حب الدنيا والانخداع بها واللهث وراء حطامها.

و «حزب النفاق» تعاضد على أمير المؤمنين في السقيفة، واستمر عداء هذا الحزب له في الجمل وصفين والنهروان، فهم وإن اختلفوا في الظاهر والشكل والاسم والعنوان، إلا أن لهم جامعا واحدا، فضلوا وأضلوا، وجروا الأمة إلى التيه والضلال « كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين، بلى والله

سمعوها ووعوها ولكنهم طيبت الدنا في أعينهم وراقهم زبرجها»

نہج البلاغة، الخطبة 3 «الشقشقية»

دوافع النفاق

إن من أبرز معالم «حركة النفاق»:

أولا: تكوين العلاقات الودية والروابط السرية مع النصارى واليهود والكافرين، في «المنافق» يتعاون ويضع يده مع مثل هؤلاء الأعداء، بل ويسير معهم في نفس الأهداف! وفي نفس الوقت فإن «المنافق»

نيك البغض والعداء لأهل الحق والإيمان المتمثل في أهل البيت الليلة وشيعتهم الموالين! وأدل برهان على ذلك ما نجده اليوم من سلول المنافقين، فقد وضعوا أيديهم مع الكفار ونبذة الكتاب والصهاينة المجرمين.. ووقفوا بأجمعهم في خندق واحد يحاربون شيعة أمير المؤمنين ليلة في كل بقعة من أراضي المسلمين! وكما حاربوا بالأمس الإمام علي عليه في كل بقعة من أراضي المسلمين فهم يحاربون اليوم الإمام القائد السيد علي «دام ظله»!

ثانيا: إن حركة النفاق تدأب على تغيير أحكام الإسلام بشكل تدريجي غير ملفت ومن خلال منهجية منظمة،

كي يتمكنوا من الوصول إلى أهدافهم الاستعلائية؛ حتى يأتوا بباطلهم على حقانية الإسلام، وبظلمة أفكارهم وأرواحهم على نورانية شريعة السماء!!

فجاء «الإسلام الأموي» الذي ځيع به عامة المسلمين فاستبدلوا به «الإسلام المحمدي»! فصار الناس يدينون بدین معاوية بن أبي سفيان بدل دين محمد بن عبدالله لله ، فاليوم باسم الحداثة والتطور ومتطلبات العصر والزمان، والدعوة للحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق المرأة، أخذوا ينادون ب «الدولة المدنية» عوضا عن «الدولة الإسلامية» واستبدلوا الله تعالى بالإنسان، فبعد أن كان الله جل جلاله هو المحور وهو صاحب الحق الأصيل في «الحاكمية» و «التشريع» وإذا بهم يجعلون الإنسان هو صاحب الحق، فما يقننه من قوانين وتشريعات في الحق! ومن يجعله حاكما فهو واجب الاتباع! وهذه هي «صنمية» القرن ال (۲۱)!! |

الآثار التدميرية لحركة النفاق: إن حركة النفاق لا تؤمن بالإسلام إلا على صعيد الظاهر والمنافقون ولأجل أن يحصلوا على «المناصب الدنيوية» فإنهم يقومون بأمور خادعة ويطلقون العناوين البراقة، ويتوشحون بما يخدع عامة الناس من

التظاهر بالتدين ورعاية الأحكام الإسلامية، وأن لا غاية لهم إلا خدمة الناس ورعاية المصالح العامة، واستمالة للنفوس وخداعا لضعاف العقول، ومثل هؤلاء – و من معهم من خط النفاق – يمثلون أخطر الأعداء على الإسلام، وأكثرهم کيدا وبلاء على المسلمين؛ لأن الناس تنظر إلى ظاهرهم الخداع ولا تبصر باطنهم القتال! وتؤمل الخير بسبب ما يرونه من حسن ظاهر سيرتهم، فتصدم بوقوعها في شر ظلمات سريرتهم، فلهم في كل وایر صريع وبكل قارعة جريح! والمنافقون يعيشون متخفين بين المؤمنين، يعرفون مواقع قوتهم وثغرات ضعفهم، وهم أدري كيف يخترقون الصفوف ويكيدون بهم من حيث لا يشعرون! فيسرقون قوت اليتيم، وينهبون مال الضعيف، ويستولون على ثروة الأمة خادعين!

والحاصل: أن حزب النفاق يأتي على المجتمع وأهله والإسلام وأحكامه، ف

أولا: يقومون بعزل القادة الحقيقيين واستبدالهم بالمنافقين المخادعين! ومنصب القيادة هو أخطر المناصب فكان أكبر همهم وصار شغلهم الشاغل هو السيطرة عليه وعلى بقية المناصب الحساس «وإذا فسد الزمان ساد اللئام، وإذا ساد اللئام اضطهد الكرام».

ثانيا: يقومون بخداع عامة الناس وتضييع مصالحهم ومقدرات بلدانهم وطاقات شبابهم، فهم وراء مصالحهم الشخصية وأغراضهم الحزبية، ولا يهتمون بوضع الفقراء والمساكين، ولا يرق لهم قلب عندما تذرف دموع اليتامى والمحرومين! والمنافقون تبغ للمستعمرين، وطاعة طواغيت الأرض مقدمة عندهم على طاعة رب العالمين! فيخسر الناس دنياهم، ويكتب الشقاء على جبين شعبهم!

ثالثا: يقومون بتحريف أحكام الإسلام واستبدالها بأحكام الهوى والشيطان – فالدين – بعقائده وأخلاقه وأحكامه العملية هو الضمان لصلاح الإنسان في الدنيا والفوز بالآخرة. وهؤلاء يحرفون الدين ويفرغونه من محتواه ولبابه! فيخسر الناس آخرتهم ويكتب عليهم الخلود في مع شياطينهم… «سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الإسلام كما يكفأ الإناء بما فيه» نهج البلاغة، الخطبة ۱۰۳

من السقيفة إلى كربلاء

وهكذا آلت الأمور وأخذت الأمة الإسلامية تنحرف عن مسیرها وتبتعد عن غايتها، حتی حلت الفاجعة المأساوية في كربلاء لتكشف عن صفحة وجه «حركة النفاق» التي بدأت بعزل الإمام علي والله ، وها هي اليوم ترفع رأس الحسين الذبيح! من السقيفة حيث استبدلت أحكام الإسلام وغيرت تعليمات السماء! من السقيفة حيث تمكنوا على رقاب الأمة يزيد وابن سمية وأبناء الأدعياء! من السقيفة حيث

انتشر الفساد واستبدلت الفضيلة بالرذيلة بين الناس! من السقيفة إلى ما قبل كربلاء.. حيث كادت الأمة أن تموت والإسلام يمحى، وأوشك العذاب أن ينزل عليها، وإذا بثورة الحسين لليلة التي استنقذت هذه الأمة بدمه الطاهر وروحه الزكية، فأنقذها من الجهالة وحيرة الضلالة، وأعاد للإسلام أمجاده وحفظ معالمه، ووهب للأمة العزة والكرامة، بعد أن عاشت الذل والمهانة. فكان الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء، وكتب التاريخ:

«أن داء الأمة في السقيفة ودوائها في كربلاء»

وقد تجددت السقيفة… فأين كربلاء؟!

واليوم تتجدد السقيفة، وهي متجددة في كل زمان ومکان! فقد عاد «حزب النفاق» بأساليب متطورة، ووسائل ممنهجة، بإعلام خداع وبلوني براي وبأفعال تخدع النظار وقاموا بحملة شعواء على المسلمين وعلى شريعة سيد المرسلين.

• فتراهم يرفضون الإسلام جهارا، ويدعون لإلغائه ليلا ونهارا، ويعيبون على من يدعو للإسلام ويوصمونه بكل عاژ والحال أنهم حكام البلاد ورؤساء العباد – المسلمين – فهل ننتظر أن ترفع رؤوس المسلمين على رؤوس الرماح، أو لابد من العلاج قبل فوات الأوان ؟!

• وها هي أحكام الإسلام يستهزأ بها، ويحط من قدرها ويدعى لتغييرها، فهم يدعون ل «محورية الإنسان» والحال أن «المحورية لله»! ويروجون ل «الدولة المدنية» بدل «الدولة الإسلامية»، وينادون بتحرير الشعوب من رق عبودية أحكام السماء، وما هي إلا دعوة لعبودية الأهواء والشهوات، فأين «کربلاء الفكر» لنصرة الإسلام وإنقاذ البشرية من براثن الشيطان؟ وأين «کربلاء الجهاد» لمقارعة الطغاة وإسقاط عروش الفسقة البغاة؟ وأين «كربلاء الروح» لتطهير الأرواح من الرذائل والتحلي بالفضائل ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى